قُتَيْبَة وَحَكَاهُ عَن سِيبَوَيْهٍ وَلذَلِك لم يَأْتِ الِاسْتِثْنَاء من غير الْجِنْس فِي الْقُرْآن وَغَيره إِلَّا بعد الْجحْد لِأَن الِاسْتِدْرَاك لَا يَأْتِي إِلَّا بَين متنافيين وَقِيَاسًا على التَّخْصِيص فَإِنَّهُ لَا بُد من كَونه من الْجِنْس وَالِاسْتِثْنَاء من جملَة المخصصات عِنْد الْمُخَالفين أَو أَكْثَرهم وَلِأَنَّهُ لَو صَحَّ لاطرد فِي جَمِيع الْمَوَاضِع
وَذكر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أَنهم ساعدوا أَنه لَا يَصح فِي البيع وَبِهَذَا قَالَ زفر وَبَعض الْمَالِكِيَّة وَبَعض الشَّافِعِيَّة
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يجوز الِاسْتِثْنَاء من غير الْجِنْس مُطلقًا لوروده وَنحن نمْنَع ذَلِك ثمَّ نحمله على الْمجَاز دفعا للاشتراك وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن اسْتثْنى مَا يثبت فِي الذِّمَّة صَحَّ وَإِن كَانَ من غير الْجِنْس وَإِن اسْتثْنى مَالا يثبت فِي الذِّمَّة كَالثَّوْبِ وَالْعَبْد وَنَحْوه لم يَصح الِاسْتِثْنَاء وَفسّر أَصْحَابنَا مَا يثبت فِي الذِّمَّة بالمكيل وَالْمَوْزُون وَقَالَ قَالُوهُ فِيمَا يتقارب من الْمكيل وَالْمَوْزُون كالجوز وَالْبيض
قَوْله وَعنهُ يَصح اسْتثِْنَاء أحد النَّقْدَيْنِ من الآخر خَاصَّة
هَذِه الْمَسْأَلَة من الْأَصْحَاب من يحْكى فِيهَا وَجْهَيْن وَحكى ابْن أبي مُوسَى وَغَيره رِوَايَتَيْنِ إِحْدَاهمَا يَصح قطع بِهِ الْخرقِيّ وَقدمه فِي الْخُلَاصَة لِأَنَّهُمَا كالجنس الْوَاحِد لاجتماعها فِي أَنَّهُمَا قيم الْمُتْلفَات وَأرش الْجِنَايَات ويعبر بِأَحَدِهِمَا عَن الآخر وَيعلم قِيمَته مِنْهُ فأشبها النَّوْع الْوَاحِد بِخِلَاف غَيرهمَا وَمَتى أمكن حمل الْكَلَام على وَجه صَحِيح لم يجز إلغاؤه وَاقْتصر أَكثر الْأَصْحَاب عَليّ هَذَا حَتَّى إِن صَاحب الْخُلَاصَة مَعَ أَنه لَا يخل بفوائد الْهِدَايَة على قَوْله اقْتصر عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو الْخطاب مَتى ثَبت هَذَا مذهبا لِأَحْمَد كَانَ اسْتثِْنَاء الثَّوْب من الدَّرَاهِم جَائِزا إِذْ لَا فرق بَينهمَا
قَالَ فِي المغنى وَهُوَ فِي قُوَّة كَلَام غَيره وَقد ذكرنَا الْفرق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute