وَأما قياسها على الْفَائِتَة فَإِن لم نقل بِوُجُوب الْجَمَاعَة لَهَا فَلَا إِشْكَال كالنافلة وَإِن قُلْنَا بِهِ فَلَا أَظن الْمُخَالف يُسَلِّمهَا وَلِهَذَا لم أجد أحدا قَاس عَلَيْهَا إِلَّا من قطع بِعَدَمِ وجوب الْجَمَاعَة لَهَا أَو رَجحه وَهَذَا القائس أوهم بالفائتة وَإِلَّا لَو قَاس على النَّافِلَة كَانَ أوضح للحق وَلِهَذَا لما احْتج ابْن عقيل على عدم الِاشْتِرَاط قَالَ لِأَنَّهَا صَلَاة لم يشْتَرط لَهَا الْوَقْت فَلم يشْتَرط لَهَا الْعدَد كالنوافل وَعَكسه الْجُمُعَة وَلما كَانَ دَلِيل الِاشْتِرَاط عِنْد ابْن عقيل قَائِما وَفَسَاد هَذَا الْقيَاس وَاضحا اسْتغنى عَن إفساده وَأما اعْتِبَار وَاجِبَات الصَّلَاة فِيهَا بواجبات الْحَج ففساده أوضح لِأَنَّهُ لَا صِحَة للصَّلَاة مَعَ ترك الْوَاجِب فِيهَا عمدا من غير نزاع لنا غير مَحل النزاع وَعَكسه وَاجِبَات الْحَج لقِيَام الدَّلِيل على جبرانها وَأما إيقاعها بعد وَقتهَا عمدا فَلم يخل بترك وَاجِب فِيهَا إِنَّمَا أوقع الْعِبَادَة بعد فعل محرم خَارج عَنْهَا فَهُوَ كَغَيْرِهِ من الْمُحرمَات بِخِلَاف مَسْأَلَتنَا على أَنه لَو ترك الْجَمَاعَة مَعَ الْقُدْرَة ثمَّ عجز عَن إيقاعها جمَاعَة صحت مِنْهُ مُنْفَردا وَإِن كَانَ قد فعل محرما
وَقد اعْترف الشَّيْخ مجد الدّين فِي شرح الْهِدَايَة بِأَن هَذِه الأقيسة لِلْقَوْلِ بِعَدَمِهِ لَيست مَانِعَة من عمل الدَّلِيل الْمُقْتَضِي للقائل بِهِ أَن يعْمل عمله لِضعْفِهَا قَالَ وَكَونهَا شرطا أَقيس وَعَدَمه أشبه بِدلَالَة الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَقد تقدم ذَلِك قَالَ وَهُوَ مَنْصُوص الإِمَام أَحْمد وَهَذَا صَحِيح وَالله أعلم
وَقد يُجَاب عَمَّا تقدم من جَوَاب الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بِأَن فِيمَا ذكره قصر اللَّفْظ الْعَام على صُورَة قَليلَة نادرة فِي حَال زمن الْمُتَكَلّم لِأَن الْمَعْذُور الْمُنْفَرد الَّذِي