للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخبرني محمد بن القاسم قال: أخبرني محمد بن زرين قال: حدثني محمد بن عبد الله بن طيفور قال: كان رزين مولانا، قال: وأنشدني له، وكنا نشرب فرمينا من دارٍ لبعضِ جيراننا بتفاحة:

أيا تفاحةً زمتْ ... فؤادي للهوى زما

لقد ألقاكِ إنسانٌ ... وألقاكِ لأمرٍ ما

لتهدي داعي الشوقِ ... إلى منْ عضَّ أو شما

وله في الحسن بن سهل قصيدة لا تخرج من العروض، أولها:

بئسَ ما جزاك به الظاعِنو ... نَ إذْ من جوارهمُ أخرجوكْ

قربوا جمالهمُ للرحيلِ ... بُكرةً أحبتك السالبوكْ

ذُو الرياستينْ وأنت اللذا ... تُحييانِ سُنةَ غازي تبوكْ

[الفضل بن العباس]

ابن جعفر بن محمد بن الأشعث الخزاعي كوفي قال ابن أبي خيثمة عن دعبل: له أشعار كثيرة. وكان له بها أثر حسن فقال في ذلك:

إنا على الثغر نحميهِ ونمنعهُ ... بنصرةِ الله، والمنصورُ من نصرا

كم وقعة بحمى إسكينَ مُشعلةٍ ... وبالمنوحار أُخرى تقدح الشررا

يا أهل كابلَ هلاَّ عاذَ عائذكمْ ... بالبدِّ يمنعُ منَّا من به انتصرا

لو كانَ يدفعُ ضيماً عنكمُ لدرا ... عنه القسيَّ التي غادرنه كِسرا

تصبنا نقمةٌ لله بالغةٌ ... رضوانه فاصبروا لا تهلعوا ضجرا

بالله يطلُب ثأرَ الدين طالبنا ... وبالرسولِ وبالفرقان إذْ نُشرا

لا نمنعُ الواردينَ الورْدَ ما نهلُوا ... إلى اللقاء، ولكنْ نمنع الصدرا

وفي أبيه العباس بن جعفر، يقول دعبل قصيدته التي فيها:

أما في صُروف الدهر أن ترجعَ النوى ... بهمْ ويُدالَ القربُ يوماً من البعدِ

بلى في صُروفِ الدهرِ كُلُّ الذي أرى ... ولكنَّما أغفلنَ حظي على عمدِ

فو الله ما أدري بأي سهامها ... رمتني، وكُلًّ عندنا ليس بالمُكدي

أبا لجيدِ أمْ مجرى الوشاح وإنني ... لأُتهمُ عينيها مع الفاحمِ الجعدِ

والعباس بن جعفر بن محمد بن الأشعث صاحب الإيغار الذي يسقي الفرات من عمل كُوثي والفلُّوجة، أجراه الرشيدُ كما أجرى المنصور يقطينَ بن موسى وقاطعه عنه، فصار إلى هذا الوقت عملاً مفرداً. وكان قد قلده خُراسان، وصير محمداً الأمين في حِجره، واستخلفه بمدينةِ السلام في وقتِ خُروجه عنها. وكان الرشيد لا يقيمُ بمدينة السلام من السنة إلا شهراً أو شهرين، ومنزلُ جعفرِ بن محمد ابن الأشعث بالباب المحول من الجانب الغربي،قصره إلى هذا الوقت واقف بإزاء الميل.

[زرزر الرفاء]

يُكنى أبا الخطاب بغدادي شاعر مليح الشعر قليلُه. قال دعبل: له شعر صالح ويروى أنه اجتمع ووالبة ابن الحباب وعلي بن الخليل وجماعة من شعراء بغداد في مجلس، فقال كل واحد منهم شعراً يعرض به على أصحابه منزله وما عنده، فقال زرزر:

ألا قُوموا بنا نمشي ... إلى بستانِ صباحِ

فعندي لكمُ الوردُ ... وما شئتمْ من الراحِ

وبيتٌ من رياحينٍ ... وتُفاحٍ، ولُماحِ

وصَنَّاجةُ فتيانٍ ... بصنجٍ جدِّ صياحِ

تدينُ الله بالنَّيك ... به تدعو بإفصاحِ

وأنشد دعبل لزرزر يهجو رزيناً العروضيَّ:

سلحتْ أمُّ رزينِ ... ذاتَ يومٍ في طحِين

فسألناها فقالتْ ... ذا خميرٌ للعجِين

وحدث ابن أبي بدر: أنَّ زرزراً كان ماجناً من أصحاب أبي الحارث جُمينْ وكان أبو الحارث مضحكاً طيباً.

قال أبو الحسن إسحاق بن إبراهيم حدثني محمد بن القاسم مولى بني هاشم قال: اسم أبي الحارث جُمينْ وولاؤه لبيتِ حمزة ابن عبد المطلب. وقد هجاهما رَزِين. ومن قوله في أبي الحارث يتهكم به:

سلامٌ ناقصُ الميمِ ... على وجهكَ بالحاءِ

خروفٌ لك في البيت ... فكلْ منه بلا فاءِ

وخردلةٌ بلا دالٍ ... ولا لامٍ، ولا هاءِ

وخرنوبٌ بلا نونٍ ... مُحشي كرِشَ الشاءِ

جزاكَ الله يا جُمَّ ... ينُ خيراً ناقصَ الياءِ

<<  <   >  >>