وَالْقَوْل الثَّالِث من الْأَقْوَال عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول السَّبَب فِي ذَلِك أَنه كَانَ من بقايا خلق خلقهمْ الله فَأَمرهمْ الله بِأَمْر فَأَبَوا طَاعَته حَدثنِي مُحَمَّد بن سِنَان حَدثنَا أَبُو عَاصِم عَن شريك عَن رجل عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن الله تَعَالَى خلق خلقا فَقَالَ {اسجدوا لآدَم} فَقَالُوا لَا نَفْعل فَبعث الله عَلَيْهِم نَارا تحرقهم ثمَّ خلق خلقا آخر فَقَالَ {إِنِّي خَالق بشرا من طين} فاسجدوا لآدَم قَالَ فَأَبَوا فَبعث الله تَعَالَى عَلَيْهِم نَارا فَأَحْرَقَتْهُمْ قَالَ ثمَّ خلق هَؤُلَاءِ فَقَالَ {اسجدوا لآدَم} قَالُوا نعم وَكَانَ إِبْلِيس من أُولَئِكَ الَّذين أوا أَن يسجدوا لآدَم قَالَ أَبُو الْفِدَاء اسماعيل ابْن كثير هَذَا غَرِيب وَلَا يكَاد يَصح إِسْنَاده فَإِن فِيهِ رجلا مُتَّهمًا وَمثله لَا يحْتَج بِهِ وَالله أعلم
وَقَالَ آخَرُونَ بل السَّبَب أَنه كَانَ من بقايا الْجِنّ الَّذين كَانُوا فِي الأَرْض فسفكوا الدِّمَاء فِيهَا وأفسدوا وعصوا رَبهم فقاتلتهم الْمَلَائِكَة حَدثنَا ابْن حميد حَدثنَا يحيى بن وَاضح حَدثنَا أَبُو سعيد اليحمدي إِسْمَاعِيل ابْن إِبْرَاهِيم حَدثنَا سوار بن أبي الْجَعْد عَن شهر بن حَوْشَب قَوْله كَانَ من الْجِنّ قَالَ كَانَ إِبْلِيس من الْجِنّ الَّذين طردتهم الْمَلَائِكَة فَأسرهُ بعض الْمَلَائِكَة فَذهب بِهِ إِلَى السَّمَاء حَدثنِي عَليّ بن الْحُسَيْن حَدثنَا أَبُو نصر أَحْمد ابْن مُحَمَّد الْخلال حَدثنَا سُهَيْل بن دَاوُد حَدثنَا هشيم أَنبأَنَا عبد الرَّحْمَن ابْن يحيى عَن مُوسَى بن نمير وَعُثْمَان بن سعيد عَن سعد بن مَسْعُود قَالَ كَانَت الْمَلَائِكَة تقَاتل الْجِنّ فسبي إِبْلِيس وَكَانَ صَغِيرا وَكَانَ مَعَ الْمَلَائِكَة فتعبد مَعهَا فَلَمَّا أمروا أَن يسجدوا لآدَم سجدوا وأبى إِبْلِيس فَلذَلِك قَالَ الله تَعَالَى {إِلَّا إِبْلِيس كَانَ من الْجِنّ} قَالَ أَبُو جَعْفَر وَأولى الْأَقْوَال فِي ذَلِك بِالصَّوَابِ أَن يُقَال كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {وَإِذ قُلْنَا للْمَلَائكَة اسجدوا لآدَم فسجدوا إِلَّا إِبْلِيس كَانَ من الْجِنّ} ففسق عَن أَمر ربه وَجَائِز أَن يكون فسوقه عَن أَمر ربه كَانَ من أجل أَنه كَانَ من الْجِنّ وَجَائِز أَن يكون من أجل إعجابه بِنَفسِهِ لشدَّة اجْتِهَاده فِي عبَادَة ربه وَكَثْرَة علمه وَمَا كَانَ أُوتِيَ من ملك سَمَاء الدُّنْيَا وَالْأَرْض وخزن الْجنان وَجَائِز أَن يكون كَانَ ذَلِك لأمر من الْأُمُور وَلَا يدْرك علم ذَلِك إِلَّا بِخَبَر تقوم بِهِ الْحجَّة وَلَا خبر بذلك عندنَا وَالِاخْتِلَاف فِي أمره مَا حكيناه ورويناه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute