للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والرحيم يُرِيد الْخَيْر للمرحوم لَا محَالة وَلَيْسَ فِي الْوُجُود شَرّ إِلَّا وَفِي ضمنه خير لَو رفع ذَلِك الشَّرّ لبطل الْخَيْر الَّذِي فِي ضمنه وَحصل بِبُطْلَانِهِ شرا أعظم من الشَّرّ الَّذِي يتضمنه فاليد المتآكلة قطعهَا شَرّ فِي الظَّاهِر وَفِي ضمنه الْخَيْر الجزيل وَهُوَ سَلامَة الْبدن وَلَو ترك قطع الْيَد لحصل هَلَاك الْبدن ولكان الشَّرّ أعظم وَقطع الْيَد لأجل سَلامَة الْبدن شَرّ فِي ضمنه خير وَلَكِن المُرَاد الأول السَّابِق إِلَى نظر الْقَاطِع السَّلامَة الَّتِي هِيَ خير مَحْض ثمَّ لما كَانَ السَّبِيل إِلَيْهِ قطع الْيَد قصد قطع الْيَد لأَجله فَكَانَت السَّلامَة مَطْلُوبَة لذاتها أَولا وَالْقطع مَطْلُوبا لغيره ثَانِيًا لَا لذاته فهما داخلان تَحت الْإِرَادَة وَلَكِن أَحدهمَا مُرَاد لذاته وَالْآخر مُرَاد لغيره وَالْمرَاد لذاته قبل المُرَاد لغيره ولأجله قَالَ الله عز وَجل سبقت رَحْمَتي غَضَبي فغضبه إِرَادَته للشر وَالشَّر بإرادته وَرَحمته إِرَادَته للخير وَالْخَيْر بإرادته وَلَكِن إِذا أَرَادَ الْخَيْر للخير نَفسه وَأَرَادَ الشَّرّ لَا لذاته وَلَكِن لما فِي ضمنه من الْخَيْر فالخير مقضي بِالذَّاتِ وَالشَّر مقضي بِالْعرضِ وكل بِقدر وَلَيْسَ فِي ذَلِك مَا يُنَافِي الرَّحْمَة أصلا

فَالْآن إِن خطر لَك نوع من الشَّرّ لَا ترى تَحْتَهُ خيرا أَو خطر لَك أَنه كَانَ تَحْصِيل ذَلِك الْخَيْر مُمكنا لَا فِي ضمن الشَّرّ فاتهم عقلك الْقَاصِر فِي أحد الخاطرين

أما فِي قَوْلك إِن هَذَا الشَّرّ لَا خير تَحْتَهُ فَإِن هَذَا مِمَّا تقصر الْعُقُول عَن مَعْرفَته ولعلك فِيهِ مثل الصَّبِي الَّذِي يرى الْحجامَة شرا مَحْضا أَو مثل الغبي الَّذِي يرى الْقَتْل قصاصا شرا مَحْضا لِأَنَّهُ ينظر إِلَى خُصُوص شخص الْمَقْتُول لِأَنَّهُ فِي حَقه شَرّ مَحْض وَيذْهل عَن الْخَيْر الْعَام الْحَاصِل للنَّاس كَافَّة وَلَا يدْرِي أَن التَّوَصُّل بِالشَّرِّ الْخَاص إِلَى الْخَيْر الْعَام خير مَحْض لَا يَنْبَغِي للْغَيْر أَن يهمله

<<  <   >  >>