أَو اتهمَ عقلك فِي الخاطر الثَّانِي وَهُوَ قَوْلك إِن تَحْصِيل ذَلِك لَا فِي ضمن ذَلِك الشَّرّ مُمكن فَإِن هَذَا أَيْضا دَقِيق غامض فَلَيْسَ كل محَال وممكن مِمَّا يدْرك إِمْكَانه واستحالته بالبديهة وَلَا بِالنّظرِ الْقَرِيب بل رُبمَا عرف ذَلِك بِنَظَر غامض دَقِيق يقصر عَنهُ الْأَكْثَرُونَ
فاتهم عقلك فِي هذَيْن الطَّرفَيْنِ وَلَا تشكن أصلا فِي أَنه أرْحم الرَّاحِمِينَ وَفِي أَنه سبقت رَحمته غَضَبه وَلَا تستريبن فِي أَن مُرِيد الشَّرّ للشر لَا للخير غير مُسْتَحقّ لاسم الرَّحْمَة وَتَحْت هَذَا الغطاء سر منع الشَّرْع عَن إفشائه فاقنع بِالْإِيمَاءِ وَلَا تطمع فِي الإفشاء وَلَقَد نبهت بالرمز والإيماء إِن كنت من أَهله فَتَأمل
لقد أسمعت لَو ناديت حَيا ... وَلَكِن لَا حَيَاة لمن تنادي
هَذَا حكم الْأَكْثَرين وَأما أَنْت أَيهَا الْأَخ الْمَقْصُود بالشرح فَلَا أَظُنك إِلَّا مستبصرا بسر الله عز وَجل فِي الْقدر مستغنيا عَن هَذِه التحويمات والتنبيهات
الْملك هُوَ الَّذِي يَسْتَغْنِي فِي ذَاته وَصِفَاته عَن كل مَوْجُود وَيحْتَاج إِلَيْهِ كل مَوْجُود بل لَا يَسْتَغْنِي عَنهُ شَيْء فِي شَيْء لَا فِي ذَاته وَلَا فِي صِفَاته وَلَا فِي وجوده وَلَا فِي بَقَائِهِ بل كل شَيْء فوجوده مِنْهُ أَو مِمَّا هُوَ مِنْهُ فَكل شَيْء سواهُ هُوَ لَهُ مَمْلُوك فِي ذَاته وَصِفَاته وَهُوَ مستغن عَن كل شَيْء فَهَذَا هُوَ الْملك مُطلقًا تَنْبِيه
العَبْد لَا يتَصَوَّر أَن يكون ملكا مُطلقًا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي عَن كل شَيْء فَإِنَّهُ أبدا فَقير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute