ذَلِك وَلَا يلْحقهُ عجز وَلَا ضعف وَلكنه كَانَ من خلقه مَا علم وَأَرَادَ
٥٥ - فَلَيْسَ بمغلوب وَلَا مقهور وَلَا سَفِيه وَلَا عَاجز بَرِيء من لواحق التَّقْصِير وَقَرَأَ قَوْله تَعَالَى {وَلَو شِئْنَا لآتينا كل نفس هداها}{وَلَو شَاءَ الله لجمعهم على الْهدى}{وَلَو شَاءَ رَبك لآمن من فِي الأَرْض كلهم جَمِيعًا} وَهُوَ عز وَجل لَا يُوصف إِذا منع بالبخل لِأَن الْبَخِيل هُوَ الَّذِي يمْنَع مَا وَجب عَلَيْهِ فَأَما من كَانَ متفضلا فَلهُ أَن يفعل وَله أَن لَا يفعل
وَاحْتج رجل من أَصْحَابنَا يعرف بِأبي بكر بن أَحْمد بن هَانِئ الإسكافي الْأَثْرَم فَقَالَ جعل الله تَعَالَى الْعقُوبَة بَدَلا من الجرم الَّذِي كَانَ من عَبده وَهُوَ مُرِيد للعقوبة على الجرم وَفِي ذَلِك دَلِيل وَاضح على أَنه مُرِيد لما أوجب الْعقُوبَة لِأَن كل من أَرَادَ الْبَدَل من الشَّيْء فقد أَرَادَ الْمُبدل ليَصِح بدله وَلَيْسَ يَصح إِرَادَته للبدل حَتَّى يَصح الْبَدَل
وَأَيْضًا فقد خلق الله من يعلم أَنه يكفر وَلم يكن بذلك سَفِيها وَلَا عابثا وَكَذَلِكَ أَيْضا إِذا أَرَادَ سفههم لَا يكون سَفِيها وَلَو جَازَ أَن يَقع من الفاعلين فعل لَا يُريدهُ الله وَلَا يلْحقهُ فِي ذَلِك ضعف وَلَا وَهن وَلَا عجز وَلَا غَلَبَة وَلَا قهر لِأَنَّهُ قَادر أَن يلجئهم إِلَيْهِ كَانَ جَائِزا أَن يَقع مِنْهُ فعل لَا يُريدهُ وَلَا يَقع مِنْهُ ضعف وَلَا وَهن وَلَا تَقْصِير لِأَنَّهُ قَادر على تكوينه وإيقاعه وَإِذا بَطل هَذَا بَطل أَن يكون من الْأَفْعَال مَالا يُريدهُ