وَكَانَ يَقُول فِي معنى الاسْتوَاء هُوَ الْعُلُوّ والارتفاع وَلم يزل الله تَعَالَى عَالِيا رفيعا قبل أَن يخلق عَرْشه فَهُوَ فَوق كل شَيْء والعالي على كل شَيْء وَإِنَّمَا خص الله الْعَرْش لِمَعْنى فِيهِ مُخَالف لسَائِر الْأَشْيَاء وَالْعرش أفضل الْأَشْيَاء وأرفعها فامتدح الله نَفسه بِأَنَّهُ على الْعَرْش ٥٣ ب أستوى أَي عَلَيْهِ علا وَلَا يجوز أَن يُقَال أستوى بمماسة وَلَا بملاقاة تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَالله تَعَالَى لم يلْحقهُ تغير وَلَا تبدل وَلَا تلْحقهُ الْحُدُود قبل خلق الْعَرْش وَلَا بعد خلق الْعَرْش
وَكَانَ يُنكر على من يَقُول إِن الله فِي كل مَكَان بِذَاتِهِ لِأَن الْأَمْكِنَة كلهَا محدودة وَحكي عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن مَالك أَن الله تَعَالَى مستو على عَرْشه الْمجِيد كَمَا أخبر وَأَن علمه فِي كل مَكَان وَلَا يخلوا شَيْء من علمه وَعظم عَلَيْهِ الْكَلَام فِي هَذَا واستبشعه
بَائِن من خَلفه
فَهُوَ سُبْحَانَهُ عَالم بالأشياء مُدبر لَهَا من غير مُخَالطَة وَلَا موالجة بل هُوَ العالي عَلَيْهَا مُنْفَرد عَنْهَا وَقَرَأَ أَحْمد بن حَنْبَل قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ القاهر فَوق عباده} وَقَرَأَ {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ} وَقَرَأَ {يدبر الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض ثمَّ يعرج إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة مِمَّا تَعدونَ}