للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: " يؤمن بالمحكم ويدين به، ويؤمن بالمتشابه ولا يدين به، وهو من عند الله كله" (١). وعن عائشة - رضي الله عنها-: " كان رسخوهم في العلم أن آمنوا بمتشابهه ولا يعلمونه" (٢). وعن الحسن في قوله تعالى: {(١٢٠) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة: ١٢١] (٣) قال: " يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه، ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه" (٤).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " وقد قال كثير من السلف: إن المحكم ما يعمل به، والمتشابه ما يؤمن به ولا يعمل به" (٥).

فمثلاً من اشتبهت عليه بعض الآيات الدالة على قدرة الله على كل شيء، وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه يهدي من يشاء ويضل من يشاء، فظن به -سبحانه- خلاف الحكمة، وأن هدايته وإضلاله جزاف لغير سبب، كشفت هذا الاشتباه، وجلته الآيات الأخرى الدالة على أن هدايته لها أسباب، يفعلها العبد ويتصف بها كما في قوله تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: ١٦] (٦)، وأن إضلاله لعبده له أسباب في العبد، وهو توليه الشيطان كما قال تعالى: {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأعراف: ٣٠] (٧)، وقال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: ٥] (٨). وهكذا في جميع الآيات.


(١) تفسير الطبري ٣/ ٢١٨، الإتقان للسيوطي ٣/ ٧.
(٢) تفسير الطبري ٣/ ٢١٤، الإتقان للسيوطي ٣/ ٤.
(٣) سورة البقرة الآتية: ١٢١.
(٤) تفسير الطبري ٣/ ٢١٤. منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة ٢/ ٤٩١ - ٤٩٥.
(٥) مجموع الفتاوى ص ١٧/ ٣٨٦.
(٦) سورة المائدة الآية: ١٦.
(٧) سورة الأعراف: ٣٠.
(٨) سورة الصف الآية: ٥.

<<  <   >  >>