للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المبحث السادس: رد دعوى أن صفات الله تعالى من المتشابه (١)

تبرز أهمية هذا المبحث بسب إطلاق القول من أهل الكلام، بل ومن بعض ينتسب لأهل السنة: بأن آيات الصفات وأحاديثها من المتشابه.

ثم إن من جعل المتشابه منهم لا يعمل تأويله إلا الله، فوّض العلم بمعاني الصفات إلى الله، وزعم أن معناها غير مفهوم لنا.

ومن جعل المتشابه مما يعلم تأويله الراسخون في العلم اشتغل بتأويل معانيها الظاهرة إلى معاني بعيدة، لا يدل عليها مراد الشارع، ولا يحتملها سياق الكلام.

فهذا الرازي يخصص القسم الثاني من كتابه "أساس التقديس" لما سماه: " تأويل المتشابهات من الأخبار والآيات"، ثم يذكر فيه كثيراً من الصفات الواردة في الكتاب والسنة، كالمجيء، والنزول، والوجه، والعين، واليد، والضحك، والفرح، والعلو، وغير ذلك (٢).

وكذلك نرى ابن قدامه- وإن كان ليس من أهل الكلام ولا من أهل التأويل- يطلق القول بأن آيات الصفات من المتشابه، فقال: "والصحيح أن المتشابه ما ورد في صفات الله سبحانه، مما يجب الإيمان به، ويحرم التعرض لتأويله، كقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [طه: ٥] (٣)، {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: ٦٤] (٤) ... ونحوه، فهذا اتفق السلف -رحمهم الله- على الإقرار به، وإمراره على وجهه، وترك تأويله (٥).

وهذا الزركشي يفرد مبحثاً للآيات المتشابهات الواردة في الصفات، ويبسط الكلام في ذلك، ويعرض لجملة من آيات الصفات، ويتكلم في تأويلها (٦).

ويعقد السيوطي فصلاً خاصاً في ذلك، ويقول في أوله: " من المتشابه آيات الصفات، ولابن اللبان، فيها تصنيف مفرد". ثم بدأ يعرض آيات الصفات، وتأويلات أهل الكلام لها (٧).


(١) انظر الفتاوى (١٣/ ٢٩٤) وما بعدها.
(٢) انظر: أساس التقديس ص ١٠٣ - ٢١٤، التفسير الكبير ٧/ ١٧٤.
(٣) سورة طه الآية: ٥.
(٤) سورة المائدة: ٦٤.
(٥) روضة الناظر ص ٦٤، ٦٥.
(٦) انظر: البرهان للزركشي ٢/ ٧٨، ٨٩.
(٧) انظر: الإتقان للسيوطي ٣/ ١٢.

<<  <   >  >>