للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول: الإحكام والتشابه في القرآن]

وصف الله سبحانه وتعالى القرآن كله بأنه محكم، كما وصفه بأنه كله متشابه، فقال تعالى في وصف القرآن بالإحكام: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} [هود: ١] (١)، وقال: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (١)} [يونس: ١] (٢).

ومعنى كونه محكماً، أي: في "اطراده في البلاغة، وانتظامه في سلك الفصاحة، واستواء أجزاء كلماته في أداء المعنى من غير حشو يستغنى عنه، أو نقصان يخل به، واختصار القول الطويل الدال على المعنى الكثير" (٣).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فإحكام الكلام إتقانه بتمييز الصدق من الكذب في أخباره، وتمييز الرشد من الغي في أوامره، والقرآن كله محكم بمعنى الإتقان" (٤).

والمقصود أن معنى كون القرآن كله محكماً، أي: أن ألفاظه ومعانيه متقنة، وأن المعاني المرادة بألفاظه ظاهرة بينة لا خلل فيها ولا اختلاف" (٥)، فالقرآن يصدق بعضه بعضا.

وكما وصف الله تعالى القرآن كله بالإحكام، فقد وصفه بأنه كله متشابه، وذلك في قوله سبحانه: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} [الزمر: ٢٣] (٦).

ومعنى كونه متشابهاً: أي يشبه بعضه بعضاً في الصحة والفصاحة والحسن والبلاغة، ويصدق بعضه بعضاً (٧).


(١) سورة هود: ١
(٢) سورة يونس: ١.
(٣) قانون التأويل أبو بكر محمد بن العربي تحقيق محمد السليماني ص ٣٧٣، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية.
(٤) الرسالة التدمرية ٣/ ٦٠ ضمن مجموع الفتاوى.
(٥) انظر: التفسير الكبير لفخر الدين الرازي ٧/ ١٦٧، المطبعة البهية، الطبعة الأولى. تأسيس التقديس ص ٢٣٠، البرهان في علوم القرآن للزركشي تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ٢/ ٦٨، طبعة المكتبة العصرية، بيروت، عام ١٤١٩. الإتقان في علوم القرآن للسيوطي تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ٣/ ٣، طبعة المكتبة العصرية، بيروت، عام ١٤١٨، أقاويل الثقات ص ٤٦ - ٤٨، فتح القدير ١/ ٥٣١.
(٦) سورة الزمر: ٢٣.
(٧) انظر: التفسير الكبير للرازي ٧/ ١٦٧، تأسيس التقديس ص ٢٣٠، الإتقان للسيوطي ٣/ ٣، أقاويل الثقات ص ٤٩، فتح القدير ١/ ٥٣١.

<<  <   >  >>