للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

القول الرابع: المحكم: الناسخ، والمتشابه: المنسوخ، روي عن ابن عباس وابن مسعود وقتادة والضحاك والربيع والسدي (١)، ويميل شيخ الإسلام ابن تيمية (٢) إلى أن النسخ هنا هو المذكور في قوله تعالى: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} [الحج: ٥٢] (٣)، فالمحكم هو جميع القرآن، والمتشابه هو ما يلقيه الشيطان ثم ينسخه الله ويزيله.

القول الخامس: روى الخطيب البغدادي بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله تعالى: {آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران: ٧] (٤) "هي التي في الأنعام {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} إلى قوله تعالى: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣)} [الأنعام: ١٥١ - ١٥٣] (٥)، ثلاث آيات، والمتشابهات الحروف المتقطعة" (٦). وروي عن ابن عباس ومقاتل بن حيان أن المتشابه هو الحروف المقطعة من غير إشارة إلى معنى المحكم (٧)، والظاهر أن المحكم في هذه الرواية هو ما سوى الحروف المقطعة (٨).

والشوكاني -رحمه الله- لا يصف هذه الأقوال المتقدمة في تعريف المحكم والمتشابه بالاختلاف، وذلك أن أهل كل قول قد عرفوا المحكم ببعض صفاته، وعرفوا المتشابه بما يقابلها، ويظهر ذلك عند التأمل في الأقوال، ولهذا يرى أن التعريف الذي يجمعها هو أن يقال: " المحكم الواضح المعنى الظاهر الدلالة، إما باعتبار نفسه أو باعتبار غيره، والمتشابه ما لا يتضح معناه، أو لا تظهر دلالته باعتبار نفسه ولا باعتبار غيره" (٩).


(١) انظر: الفقيه والمتفقه لأحمد بن علي الخطيب البغدادي، تحقيق عادل الغرازي ١/ ٢٠٠، الطبعة الأولى، دار ابن الجوزي، الدمام، وتفسير الطبري ٣/ ٢٠٤، وزاد المسير ١/ ٣٥٠ - ٣٥١، وتفسير القرطبي ٥/ ١٨، وإيثار الحق ص ٨٨.
(٢) انظر: المسودة ص: ١٦٢.
(٣) سورة الحج: ٥٢.
(٤) سورة آل عمران: ٧.
(٥) سورة الأنعام: ١٥١ - ١٥٣.
(٦) الفقيه والمتفقه ١/ ٢٠١، وانظر: تفسير البغوي ١/ ٣٢٣.
(٧) انظر: تفسير ابن كثير ١/ ٣٥٣، وزاد المسير ١/ ٣٥١، وتفسير البغوي ١/ ٣٢٣، ومجموع الفتاوى ١٧/ ٤٢٠، وإيثار الحق ص ٨٨.
(٨) انظر: تفسير القرطبي ٥/ ١٨.
(٩) انظر: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير لمحمد بن علي الشوكاني تحقيق عبدالرحمن عميرة ١/ ٥٢٧، دار الوفاء، المنصورة، الطبعة الثانية. منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة عثمان بن علي حسن ص ٢/ ٤٧٣ - ٤٧٧، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة السابعة.

<<  <   >  >>