للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فأما من وقف على قوله: {إِلَّا اللَّهُ} فإنه أراد بالتأويل ما لا يعلمه إلا الله، كحقائق اليوم الآخر والأمور الغيبية وكيفية الصفات ونحوها.

وأما من جعل الواو عاطفة، وعطف قوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} على قوله: {إِلَّا اللَّهُ} فإنه أراد بالتأويل المعنى والتفسير (١)، فالراسخون في العلم يعلمون تأويله بمعنى تفسيره، ولا يعلمون تأويله بمعنى حقيقته ومآله.

وفي هذا يقول شيخ الإسلام: " إنهم يعلمون تأويله من حيث الجملة، كما يعلمون تأويل المحكم، فيعرفون الحساب والميزان والصراط والثواب والعقاب، وغير ذلك مما أخبر الله به ورسوله معرفة مجملة، فيكونون عالمين بالتأويل، وهو ما يقع في الخارج على هذا الوجه، ولا يعلمونه مفصلاً، إذ هم لا يعرفون كيفيته وحقيقته، إذ ذلك ليس مثل الذي علموه في الدينا وشاهدوه، وعلى هذا يصح أن يقال: علموا تأويله، وهو معرفته وتفسيره، ويصح أن يقال: لم يعلموا تأويله، وكلا القراءتين حق" (٢).

وأما من رأى الوقف على قوله: {إِلَّا اللَّهُ}، وجعل التأويل بمعنى التفسير فهذا خطأ قطعاً (٣).


(١) انظر: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، عبدالحق بن غالب بن عطية تحقيق عبدالله الأنصاري وأخرون ٣/ ٢٥، ط ١ مؤسسة دار العلوم، تفسير سورة الإخلاص ١٧/ ٣٨١، تفسير ابن كثير ١/ ٣٥٤، شرح الكوكب المنير ٢/ ١٥٣، أضواء البيان ١/ ٢٣٣.
(٢) انظر: تفسير سورة الإخلاص ١٧/ ٣٨٥، ٣٨٦، ضمن مجموع الفتاوى.
(٣) موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة ص ١/ ٤٠١ - ٤١١، منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة ٢/ ٤٨٤ - ٤٨٥.

<<  <   >  >>