التدريس ويهجم على الْفَتْوَى لوُجُود تأهله لذَلِك وتمسكه من كل مِنْهُمَا بِالسَّبَبِ الْأَقْوَى وَقد أَذِنت لَهُ أَن يُفْتِي مِمَّا علمه من مَذْهَب الشَّافِعِي بالراجح عِنْد الاصحاب وَأَن يُقرر شُرُوح مختصرات الْمَذْهَب لكل من ينتاب من الطلاب فقد تأهل للتعقب على أَصْحَاب المطولات والتنقيب على مَا أغفله من التقييدات ذَوُو المختصرات وَكَيف لَا وَهُوَ من الْبَيْت الَّذِي اشتهرت بالعلوم الشَّرْعِيَّة جهاته وَظَهَرت للصادر والوارد سموهُ فِي درج الْفضل وكمالاته، فَلَا بدع أَن يشابه أبه وجده أسعد الله جده وجدد سعده وأمده بمديد الْعُمر وَالْبركَة فِي الرزق حَتَّى يخلد فِي الطروس مَا يحيى بِهِ مَا درس سنّ فَوَائِد الدُّرُوس بعده وأرخ لذَلِك فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمَعَ تفننه وإقباله على التصنيف وَالْجمع كَانَ متين الدّيانَة وافر الْعقل حسن السياسة جم المحاسن وَقد كتب إِلَيّ فِي سنة خمسين بِالسَّلَامِ وَطيب الْكَلَام ملتمسا مني أَخذ خطوط شُيُوخ الْقَاهِرَة على استدعاء بِخَطِّهِ باسمه وَاسم أَوْلَاده وأحفاده وَمن يلوذ بِهِ وَلم يزل على جلالته حَتَّى مَاتَ فِي ثامن ذِي الْحجَّة سنة خمس وَخمسين وَدفن بالقرندلية وَلم يخلف فِي بَيته مثله وَأَخُوهُ أَبُو الْخَيْر بالضد مِنْهُ فِي جلّ أَوْصَافه فسبحان الفعال لما يُرِيد.
٨٤٦ - عبد الْكَرِيم بن عبد الرَّزَّاق بن إِبْرَاهِيم كريم الدّين أَبُو الْفَضَائِل القبطي الْمصْرِيّ أَخُو الْفَخر عبد الرَّحْمَن والزين نصر الله وَيعرف بِابْن مكانس. / ولد بِمصْر وتنقل فِي الخدم الديوانية إِلَى أَن اتَّصل بِخِدْمَة يلبغا الناصري فَفِي الدولة الاشرفية شعْبَان ابْن حُسَيْن فَلَمَّا قتل الاشرف وَصَارَ التَّدْبِير لبركة وبرقوق قَامَ الاخوة الثَّلَاثَة بَنو مكانس بمرافعة الشَّمْس عبد الله المقسي وَتَوَلَّى هَذَا من بَينهم الحوطة على حواصله فاستقر عوضه فِي الْخَاص مُضَافا لما مَعَه من الْوزر فِي ثامن عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَمَانِينَ فَلم يلبث أَن غضب عَلَيْهِ برقوق وَأمر بِهِ وبأخيه الْفَخر فِي تَاسِع شعْبَان مِنْهَا فألقيا فِي الأَرْض وَضَربا لكَونه شرع فِي تَحْدِيد مظالم كَانَ أبطلها أستاذ برقوق يلبغا الْعمريّ الخاصكي ثمَّ أفرج عَنْهُم فِي ذِي الْحجَّة مِنْهَا وَاسْتمرّ بطالا إِلَى أَن طلبه بركَة فِي جملَة الوزراء البطالين فِي ذِي الْقعدَة من الَّتِي بعْدهَا فَضَربهُ بالمقارع نَحْو عشْرين شبا ثمَّ قَامَ مَعَه يلبغا الناصري حَتَّى أطلق وَلزِمَ دَاره فَلَمَّا قتل بركَة أُعِيد إِلَى الْخَاص فِي منتصف جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ ثمَّ أضيف إِلَيْهِ الْوزر أَيْضا ففتك فِي النَّاس وَسَاءَتْ سيرته على عَادَته وَأخذ أَمْوَال تجار الكارم فأفحش فعزل عَن الْخَاص فِي رَمَضَان مِنْهَا بل اسْتَقر جاركس الخليلي مشير الدولة فَلَا يتَصَرَّف هُوَ وَلَا غَيره من الوزراء إِلَّا بأَمْره فدام على ذَلِك إِلَى أَوَاخِر ذِي الْقعدَة مِنْهَا فَقبض على الثَّلَاثَة إِلَى أَن هرب هَذَا من ميضأة جَامع الصَّالح خَارج بَاب زويلة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute