وَعظم انْتِفَاع الشّرف الْمَنَاوِيّ بِهِ وَكَذَا الْبَدْر بن الصَّواف فِي كثير من مقاصدهما بعد أَن كَانَ من أخصاء الْمُحب بن الشّحْنَة حَتَّى أَنه لَعَلَّه أول من أذن لوَلَده الصَّغِير فِي الْإِفْتَاء ثمَّ مَسّه مِنْهُم غَايَة الْمَكْرُوه جَريا على عَادَتهم بِحَيْثُ شافهوه بِمَجْلِس السُّلْطَان بِمَا لَا يَلِيق وانتصر لَهُ الْعِزّ قَاضِي الْحَنَابِلَة وهجرهم بِسَبَبِهِ مُدَّة حَتَّى توَسط بَينهم الْعَضُد الصيرامي، وَقد صحبته قَدِيما وَسمعت مِنْهُ مَعَ وَلَدي المسلسل بِسَمَاعِهِ لَهُ على الوَاسِطِيّ وكتبت عَنهُ من نظمه وفوائده أَشْيَاء بل قَرَأت عَلَيْهِ شرح ألفية الْعِرَاقِيّ لتوهم مزِيد عمل فِيهِ وَوَقع ذَلِك مِنْهُ موقعا ولامني فِيهِ غير وَاحِد من الْفُضَلَاء، واستعار أَشْيَاء من تعاليقي ومسوداتي وَغَيرهَا وَكثر تردده لي قبل ذَلِك وَبعده بِسَبَب الْمُرَاجَعَة وَغَيرهَا صَرِيحًا وكناية لحسن اعْتِقَاده فِي بِحَيْثُ صرح مرَارًا بتفردي بِهَذَا الشَّأْن وَرُبمَا يَقُول: أَنا وَأَنت غرباء، وَنَحْو هَذَا من القَوْل وخطه عِنْدِي شَاهد بِأَعْلَى من ذَلِك حَسْبَمَا أثْبته فِي مَوضِع آخر مَعَ كثير من نظمه وفوائده، وَشهد على شينا بأنني أمثل جماعته وَبَالغ عقب وَفَاة الْوَالِد رحمهمَا الله فِي التأسف عَلَيْهِ وَصرح لكل من الْعِزّ الْحَنْبَلِيّ والأمشاطي بِأَنَّهُ من قدماء أَصْحَابه وخيارهم وَمِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ فضل قديم وَأَنه بَقِي من الْعَالمين بذلك جارنا ابْن المرخم وَابْن بهاء القباني وَلِهَذَا التمس مني الْوُقُوف على غسله فَلم أوافق أدبا مَعَ الشَّيْخ لكَون الْوَالِد لما أعلمهُ من إجلاله لَهُ وتعظيمه إِيَّاه بِحَيْثُ كَانَ يَقُول: مَا أَكثر محفوظه وَأحسن عشرته، وَرُبمَا يَقُول: هُوَ سكردان لم يكن يرضيه ذَلِك، تعلل الشَّيْخ مُدَّة طَوِيلَة بِمَرَض حاد وبحبس الأراقة والحصاة وَغير ذَلِك وتنقل لعدة أَمَاكِن إِلَى أَن تحول قبيل مَوته بِيَسِير بقاعة بحارة الديلم فَلم يلبث أَن مَاتَ فِيهَا فِي لَيْلَة الْخَمِيس رَابِع ربيع الآخر سنة تسع وَسبعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد تجاه جَامع المارداني فِي مشْهد حافل وَدفن على بَاب المشهد الْمَنْسُوب لعقبة عِنْد أَبَوَيْهِ وَأَوْلَاده وتأسفوا)
على فَقده رَحمَه الله وإيانا وَمِمَّا نظمه ردا لقَوْل الْقَائِل:
(إِن كنت كَاذِبَة الَّتِي حَدَّثتنِي ... فَعَلَيْك إِثْم أبي حنيفَة أَو زفر)
(الواثبين على الْقيَاس تمردا ... والراغبين عَن التَّمَسُّك بالأثر)
فَقَالَ:
(كذب الَّذِي سبّ المآثم للَّذي ... قَاس الْمسَائِل بِالْكتاب وبالأثر)
(إِن الْكتاب وَسنة الْمُخْتَار قد ... دلا عَلَيْهِ فدع مقَالَة من فشر)
وَقد ذكره المقريزي فِي عقوده وأرخ مولده كَمَا قدمنَا وَلكنه قَالَ تخمينا قَالَ: وبرع فِي فنون من فقه وعربية وَحَدِيث وَغير ذَلِك وَكتب مصنفات عديدة من شرح دور الْبحار للقونوي فِي اخْتِلَاف الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَشرح مخمسة الديريني
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute