ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فقطنها وَأَقْبل على الزّهْد، وَكَانَ لَا يضع جنبه بِالْأَرْضِ بل يُصَلِّي فِي اللَّيْل وَيَتْلُو فَإِن نعس أغفى إغْفَاءَة وَهُوَ محتب ثمَّ يعود ويواصل الْأُسْبُوع بِتَمَامِهِ وَيذكر أَن السَّبَب فِيهِ إِنَّه تعشى مَعَ أَبَوَيْهِ قَدِيما فَأصْبح لَا يَشْتَهِي أكلا فتمادى على ذَلِك ثَلَاثَة أَيَّام فَلَمَّا رأى أَن لَهُ قدرَة على الطي تَمَادى فِيهِ فَبلغ أَرْبعا إِلَى أَن انْتهى إِلَى)
سبع وَذكر أَنه يُقيم أَرْبَعَة أَيَّام لَا يحْتَاج إِلَى تَجْدِيد وضوء، وَكَانَ يعرف الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَكَذَا التصوف وَله نظم ونثر فَمن نظمه:
(وَلم يزل الطامع فِي ذلة ... قد شبهت عِنْدِي بذل الْكلاب)
(وَلَيْسَ يمتاز عَلَيْهِم سوى ... بِوَجْهِهِ الكالح ثمَّ الثِّيَاب)
وَكَانَ يكثر فِي اللَّيْل من قَوْله:
(قومُوا إِلَى الدَّار من ليلِي نحييها ... نعم ونسألها عَن بعض أهليها)
وَيَقُول أَيْضا: سُبْحَانَ رَبنَا إِن كَانَ وعد رَبنَا لمفعولا وَمَات بِمَكَّة فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى عشرَة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَأثْنى عَلَيْهِ هُوَ والمقريزي وَآخَرُونَ، وسافر مرّة لدمياط فَلم يحْتَاج لتجديد وضوء لعدم تنَاوله الْأكل وَالشرب وأضافه شخص بهَا فَأكل عِنْده أَكلَة ثمَّ سَافر فِي الْبَحْر إِلَى الرملة ثمَّ مِنْهَا إِلَى الْقُدس فَلم يَأْكُل إِلَّا بِهِ وكراماته وزهده وأحواله مَشْهُورَة، وَدخل الْيمن وَالْعراق وَالشَّام وَهُوَ أحد الْأَفْرَاد الَّذين أدركناهم، وجاور بِمَكَّة سنة مَعَ القطب بن قسيم الدمياطي، وسمى التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه جده عَليّ بن إِبْرَاهِيم، وبيض لترجمته رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله أَبُو الْخَيْر الْمحلي السيوفي. مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله الأخميمي. فِيمَن جده عبد الْوَهَّاب قَرِيبا.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْمُهَيْمِن الشّرف بن الْفَخر القليوبي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي وأبوهما وَيعرف بِابْن الخازن لكَون أَبِيه كَانَ خَازِن حَاصِل البيمارستان المنصوري.
مِمَّن عرف بِصُحْبَة الرؤساء ومداخلتهم بِحَيْثُ كثرت جهاته وَخلف وَالِده فِي الخزن الْمشَار إِلَيْهِ وَكَثُرت مخالطته للشمس الْحِجَازِي بلديه ومختصر الرَّوْضَة والشرف السُّبْكِيّ وَإِمَام الكاملية وَذكر بهمة عالية وإقدام وَمَعْرِفَة بطرق التَّحْصِيل كل ذَلِك مَعَ تكسبه بِالشَّهَادَةِ على بَاب الكاملية واختص بالأشرف إينال فِي حَال أَمرته وَلَو أدْرك تملكه لأرتق للوظائف حَسْبَمَا كَانَ يعده بِهِ مَمْلُوكه بردبك وَلكنه مَاتَ فِي منتصف سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَظنهُ قَارب السِّتين وَخلف وَلَده فَخر الدّين مُحَمَّد فَلم يعمر بعده، وَقد سمع صَاحب التَّرْجَمَة على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute