للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَكَذَا لغيره بِالْأُجْرَةِ، وَكَانَ سريع الْكِتَابَة حكى الْعِزّ التكروري أَنه شَاهده كتب صفحة فِي نصف الشَّامي فِي مسطرة سَبْعَة عشر بِمدَّة وَاحِدَة وَمِمَّنْ كَانَ يرغب فِي كِتَابَته ويجزل الْعَطاء لَهُ بِسَبَبِهَا وَغَيره التقي بن حجَّة الشَّاعِر واختص لذَلِك بِصُحْبَتِهِ واستطال بِهِ على الْجلَال البُلْقِينِيّ فِيمَا كَانَ باسمه من مُرَتّب وَغَيره ثمَّ كَانَ بعد من أَكثر المؤذنين لَهُ فِي أول دولة الْأَشْرَف. وَعمل كتابا سَمَّاهُ الْحجَّة فِي سرقات ابْن حجَّة وَرُبمَا أنشأ الشَّيْء مِمَّا نظمه التقي وَعَزاهُ لبَعض من سبقه إِلَى غير ذَلِك مِمَّا تحامل عَلَيْهِ فِيهِ، وَقد جوزي على ذَلِك بعد دهر فَإِن بعض الشُّعَرَاء صنف كتابا سَمَّاهُ قبح الأهاجي فِي النواجي جمع فِيهِ هجو من دب ودرج حَتَّى من لم ينظم قبل ذَلِك وأوصل إِلَيْهِ علمه بطريقة ظريفة فَإِنَّهُ أَمر بِدَفْعِهِ لدلال بسوق الْكتب وَهُوَ جَالس على عَادَته عِنْد بعض التُّجَّار فدار بِهِ على أَرْبَاب الحوانيت حَتَّى وصل إِلَيْهِ فَأَخذه وتأمله وَعلم مضمونه ثمَّ أَعَادَهُ إِلَى الدَّلال وَحِينَئِذٍ اسْترْجع من الدَّلال فكاد النواجي يهْلك. وَكَذَا رام الْمَنَاوِيّ فِي أَيَّام قَضَائِهِ الْإِيقَاع بِهِ بِسَبَب تعرضه بالهجو لشيخه الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ حَيْثُ قَالَ إِذا رأى سَعْدا يَمُوت وَيحيى فتوسل عِنْده بالعز السنباطي وَغَيره ثمَّ امتدحه بقصيدة ظنانة أنْشدهُ إِيَّاهَا من لَفظه، وَبَلغنِي أَن شَيْخه أَمِير حَاج كَانَ يَحْكِي أَنه بَيْنَمَا هُوَ وَاقِف بِعَرَفَة فِي حجَّته ألْقى الله فِي قلبه الدُّعَاء عَلَيْهِ بِسَبَب الْوَلِيّ وَأَنه فعل وَلَعَلَّ مَا كَانَ يذكر أَنه بِهِ من البرص بِسَبَبِهِ هَذَا. وَأما شَيخنَا فَإِنَّهُ حلم عَلَيْهِ فِي أَكثر الْأَوْقَات بل كَانَ كثير الْبر لَهُ وأفادته إِيَّاه لما كَانَ يشكل عَلَيْهِ حِين مثوله بَين يَدَيْهِ خُصُوصا)

حِين كَانَ الْفَقِيه حسن الفيومي إِمَام الزَّاهِد الْمَاضِي يصحح على النواجي فِي التَّرْغِيب لِلْمُنْذِرِيِّ فَإِنَّهُ كَانَ يقف عَلَيْهِ التكثير فِي الْمُتُون والرواة وَلَا يَهْتَدِي لمعرفتها من بطُون الدفاتر والكتب نعم أنهى إِلَيْهِ أهل الخانقاه البيبرسية عَنهُ أمرا شنيعا مِمَّا يتَعَلَّق بِنَفسِهِ فَأمر بِمَنْعه مِنْهَا، اشْتهر ذكره وَبعد صيته وَقَالَ الشّعْر الْفَائِق والنثر الرَّائِق وَجمع المجاميع وطارح الْأَئِمَّة، وَأخذ عَنهُ غير وَاحِد من الْأَعْيَان كالشهاب بن أَسد والبدر البُلْقِينِيّ والمحب الْخَطِيب الْمَالِكِي وَكَانَت بَينهمَا مصاهرة والبدر بن المخلطة وَلَوْلَا ضيق عطنه وَسُوء مزاجه وَسُرْعَة انحرافه وتعرضه بِهِ للهجاء لَكَانَ كلمة إِجْمَاع، ومدح الأكابر وتمول من ذَلِك وأثرى خُصُوصا مَعَ مبالغته فِي الْإِمْسَاك، وَمِمَّنْ امتدحهم الْمُحب بن الشّحْنَة وسمعته يقسم أَنه من بعد القَاضِي الْفَاضِل مَا ولي الْإِنْشَاء مثله، هَذَا مَعَ مزِيد إِحْسَان الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ كَانَ إِلَيْهِ والزين بن مزهر وَذَلِكَ حِين كَونه نَاظر الإسطبل وَلذَا اسْتغْرب قَوْله:

(وَمن يكون السِّرّ فِي أَصله ... لَا بُد أَن يظْهر فِيهِ حقيق)

<<  <  ج: ص:  >  >>