مائلا مَعَ الْعَلَاء وَأَن من أظهر لنا كلَاما يَقْتَضِي الْكفْر لَا نقره عَلَيْهِ وَكَانَ من جملَة كَلَام الْعَلَاء الْإِنْكَار على من يعْتَقد الْوحدَة الْمُطلقَة وَمن جملَة كَلَام الْمَالِكِي أَنْتُم مَا تعرفُون الْوحدَة الْمُطلقَة، فبمجرد سَماع ذَلِك استشاط غَضبا وَصَاح بِأَعْلَى صَوته أَنْت مَعْزُول وَلَو لم يعزلك السُّلْطَان يَعْنِي لتضمن ذَلِك كفره عِنْده بل قيل أَنه قَالَ لَهُ صَرِيحًا كفرت كَيفَ يعْذر من يَقُول بالوحدة الْمُطلقَة وَهِي كفر شنيع وَاسْتمرّ يَصِيح وَأقسم بِاللَّه أَن السُّلْطَان إِن لم يعزله من الْقَضَاء ليخرجن من مصر فأشير على الْبِسَاطِيّ بمفارقة الْمجْلس إخمادا للفتنة وَبلغ السُّلْطَان ذَلِك فَأمر فإحضار الْقُضَاة عَنهُ فَحَضَرُوا فسئلوا عَن مجْلِس الْعَلَاء فقصه كَاتب السِّرّ وَهُوَ مِمَّن حضر الْمجْلس الأول بحضرهم وَدَار بَين شَيخنَا والبساطي فِي ذَلِك بعض كَلَام فتبرأ الْبِسَاطِيّ من مقَالَة ابْن عَرَبِيّ وَكفر من يعتقدها وَصوب شَيخنَا قَوْله فَسَأَلَ السُّلْطَان شَيخنَا حِينَئِذٍ مَاذَا يجب عَلَيْهِ وَهل تَكْفِير الْعَلَاء لَهُ مَقْبُول وماذا يسْتَحق الْعَزْل أَو التَّعْزِير فَقَالَ شَيخنَا لَا يجب عَلَيْهِ شَيْء بعد اعترافه بِمَا وَقع وَهَذَا الْقدر كَاف مِنْهُ وانفصل الْمجْلس وَأرْسل السُّلْطَان يترضى الْعَلَاء ويسأله فِي ترك السّفر فَأبى فَسلم لَهُ حَاله وَقَالَ يفعل مَا أَرَادَ وَيُقَال أَنه قَالَ للسُّلْطَان أَنا لَا أقيم فِي هَذِه الممالك إِلَّا بِشُرُوط ثَلَاث عزل الْبِسَاطِيّ وَنفي خَليفَة يَعْنِي نزيل بَيت الْمُقَدّس وَإِبْطَال مكس قطيا. وبلغنا أَنه خرج من الْقَاهِرَة غَضبا إِمَّا فِي هَذِه الْوَاقِعَة أَو غَيرهَا لدمياط ليسافر مِنْهَا فبرز الْبُرْهَان الأبناسي والقاياتي والونائي وَكلهمْ مِمَّن أَخذ عَنهُ إِلَيْهَا حَتَّى رجعُوا بِهِ وَكَانَ قبل بِيَسِير فِي السّنة بِعَينهَا وصل إِلَيْهِ بإشارته من صَاحب كلبرجا الْمشَار إِلَيْهَا ثَلَاثَة آلَاف شاش أَو أَكثر فَفرق مِنْهَا ألفا على الطّلبَة الملازمين لَهُ من جُمْلَتهَا مائَة للصدر بن العجمي ليوفي بهَا دينه وتعفف بَعضهم كالمحلي عَن الْأَخْذ بل فرق مَا عينه الْعَلَاء لَهُ مِنْهَا وَهُوَ ثَلَاثُونَ شاشا على الْفُقَرَاء وَامْتنع الْعَلَاء من إِعْطَاء بعض طلبته كالسفطي مَعَ طلبه مِنْهُ بِنَفسِهِ وَلم يدّخر لنَفسِهِ مِنْهَا شَيْئا وَعمل وَلِيمَة للطلبة فِي بُسْتَان ابْن عنان صرف عَلَيْهَا سِتِّينَ دِينَارا، ثمَّ بعد ذَلِك سنة أَربع وَثَلَاثِينَ أَو قبلهَا تحول إِلَى دمشق فقطنها وصنف)
رسَالَته فاضحة الْمُلْحِدِينَ بَين فِيهَا زيف ابْن عَرَبِيّ وَقرأَهَا عَلَيْهِ شَيخنَا الْعَلَاء القلقشندي هُنَاكَ فِي شعْبَان سنة أَربع وَثَلَاثِينَ ثمَّ البلاطنسي وَآخَرُونَ وَكَذَا اتّفقت لَهُ حوادث بِدِمَشْق مِنْهَا أَنه كَانَ يسْأَل عَن مقالات التقي بن تَيْمِية الَّتِي انْفَرد بهَا فيجيب بِمَا يظْهر لَهُ من الْخَطَأ فِيهَا وينفر عَنهُ قلبه إِلَى أَن استحكم أمره عِنْده فَصرحَ بتبديعه ثمَّ تكفيره ثمَّ صَار يُصَرح فِي مَجْلِسه بِأَن من أطلق على ابْن تَيْمِية أَنه شيخ الْإِسْلَام فَهُوَ بِهَذَا الْإِطْلَاق كَافِر واشتهر ذَلِك فَانْتدبَ حَافظ الشَّام الشَّمْس بن نَاصِر الدّين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute