للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كل مِنْهُمَا من الآخر فَلَمَّا انطمست أَيَّام النّحاس كَانَ هُوَ المحاقق لَهُ بِحَيْثُ اسْتَقر بِهِ السُّلْطَان فِيمَا كَانَ مَعَه من الوظائفوهي نظر الجوالي وَالْكِسْوَة والبيمارستان والخانقاه السعيدية وجامع عَمْرو ووكالة بَيت المَال وَغَيرهَا وَقَامَ بِالدَّعْوَى عَلَيْهِ والحوطة على موجوده وحواصله وَظَهَرت زِيَادَة كفاءته فَكَانَ انْتِهَاء ذَاك ابْتِدَاء الشّرف وَتردد النَّاس إِلَيْهِ وعولوا فِي كثير من مهماتهم عَلَيْهِ، وَاسْتمرّ فِي تزايد من الترقي إِلَى أَن تملك الْأَشْرَف إينال فتقهقر قَلِيلا سِيمَا وَقد صرف عَن عدَّة وظائف بَعْضهَا برغبته وَلَكِن مَعَ اسْتِمْرَار صُورَة وجاهته فَلَمَّا مَاتَ الجمالي نَاظر الْخَاص خطب عوضه لنظر الْجَيْش وَقدم على كثير من السعاة فِيهِ فحسنت سيرته حَتَّى سَمِعت الشرفي بن الجيعان يثني على حذقه فِي)

المصطلح فِيهِ وإدراكه لما رتبه مَعَه فِي الْكِتَابَة وَأَن النَّجْم بن حجي لم يهتد لما اهْتَدَى لَهُ ثمَّ صرف عَنهُ بَان الديري مَعَ التَّعَرُّض لصَاحب التَّرْجَمَة بِأخذ مَال كثير بِدُونِ بَهْدَلَة، وَلزِمَ دَاره إِلَى أَن ألزمهُ الْمُؤَيد بن إينال بِمُبَاشَرَة نظر الجوالي ووكالة بَيت المَال فباشرهما إِلَى أَن أكرهه الظَّاهِر خشقدم وَهُوَ متحير فِي نَفَقَة المماليك على الِاسْتِقْرَار فِي نظر الْخَاص بعد الزين بن الكويز مُضَافا لَهما فَقَامَ بالمر على مَا يُحِبهُ وسد النَّفَقَة بل ذكر بِحسن الْمَشْي فِيهَا قبل النَّفَقَة وَبعدهَا ثمَّ انْفَصل عَنْهَا إِلَى أَن اسْتَقر بعد قتل جَانِبك الجداوي مُدبر المملكة إِلَيْهِ الْمرجع فِي الْولَايَة والعزل وَلم يزل أمره فِي ازدياد وتزايد تَعبه بِأخرَة جدا بِسَبَب مَا كَانَ يُفَوض إِلَيْهِ فِي مُقَدمَات التجاريد وَغَيرهَا وَصَارَ النّظر إِلَيْهِ من الْملك والدوادار فَمَا وَسعه إِلَّا الاسْتِئْذَان فِي السّفر لمَكَّة فَتوجه إِلَيْهَا فِي موسم سنة ثَمَانِينَ فحج وفوض إِلَيْهِ شَيْء من العمائر هُنَاكَ وبالمدينة، وعزم على الاستيطان بِمَكَّة فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي عشَاء لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سَابِع عشر صفر سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن عِنْد أَخَوَيْهِ بتربته من المعلاة وتأسف النَّاس على فَقده رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وأرضى عَنهُ أخصامه، وَكَانَ رَئِيسا شهما عَليّ الهمة كثير التودد للْعُلَمَاء وَالصَّالِحِينَ حسن الِاعْتِقَاد فيهم متأدبا مَعَهم زَائِد التَّوَاضُع والبذل والحزم وَالصَّبْر خَبِيرا بالسياسة وَالْقِيَام بِكُل مَا يسند إِلَيْهِ أنشأ أَمَاكِن بِالْقَاهِرَةِ وبولاق والصحراء وَغَيرهَا وَبَلغت عطاياه فِيمَا بَلغنِي مرّة للخطيب أبي الْفضل خَمْسمِائَة دِينَار وَلآخر ألف وَكَذَا كَانَت لَهُ ابْنة اسْمهَا مَارِيَة من عَائِشَة ابْنة الشّرف مُوسَى اللَّقَّانِيّ عمياء بذلك شَيْئا كثيرا جدا فِي زَوَال عماها بِحَيْثُ طلب مِنْهُ شخص ألف دِينَار وسمح لَهُ بهَا وَمَعَ ذَلِك فَمَا أَبْصرت، واشتهر اسْمه وَبعد صيته، وتغالى فِي التَّزْوِيج حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>