للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والبهجة والإرشاد وانتفع بِعَمِّهِ فِي الْفَرَائِض والحساب وَغَيرهمَا وَقَرَأَ على الْخَطِيب أبي الْفضل النويري البُخَارِيّ وَغَيره، وَكَانَ مجيدا عمل المواليد وَنَحْوهَا وَله نظم متوسط مَعَ سُكُون وَخير. مَاتَ فَجْأَة غريقا فِي سيل مَكَّة فِي يَوْم الْخَمِيس منتصف ذِي الْقعدَة سنة سبع وَثَمَانِينَ فَإِنَّهُ حِين دخل عَلَيْهِ السَّيْل سِقَايَة الْعَبَّاس بَادر إِلَى الْخُرُوج فغرق فِي الْمَسْجِد وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد ثمَّ دفن بقبورهم من المعلاة وتأسف النَّاس على فَقده رَحمَه الله وإيانا وَمِمَّا كتبته عَنهُ قَوْله:

(تشفع يَا مسيء بِذِي الْمَعَالِي ... إِمَام الرُّسُل خير الْأَنْبِيَاء)

(كريم الأَصْل طه من أَتَاهُ ... يروم الْأَمْن حل عَن الشَّقَاء)

(عَلَيْهِ صَلَاة رَبِّي كل حِين ... وَسلم فِي الصَّباح وَفِي الْمسَاء)

وَعِنْدِي من نظمه الْكثير وَهَذَا من عنوانه وَمن العجيب أَن آخر مناظيمه قصيدة كَأَنَّهَا شرح خَاله، وَلم يُوجد مِمَّن غرق فِي الْمَسْجِد مَعَ كثرتهم بالمطاف سواهُ.

٨٢٩ - نَاصِر بن أَحْمد بن يُوسُف بن مَنْصُور بن فضل بن عَليّ بن أَحْمد بن حسن بن عبد الْمُعْطِي بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْمُزنِيّ أَبُو زيان وَأَبُو عَليّ الْفَزارِيّ البسكري بِفَتْح الْمُوَحدَة ثمَّ مُهْملَة سَاكِنة وَيعرف بِابْن مزنى / بِفَتْح الْمِيم ثمَّ زايد سَاكِنة بعْدهَا نون. ولد فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة واشتغل بِبَلَدِهِ وَأخذ القراآت عَن أبي الْحسن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن التوزري وَكَانَ يعظمه فِي الْفَنّ جدا وَفِي الْفِقْه عَن أبي فَارس عبد الْعَزِيز بن يحيى الغساني الْبُرْجِي وَمُحَمّد بن عَليّ بن إِبْرَهِيمُ الْخَطِيب وَأبي عبد الله بن عَرَفَة وَعِيسَى بن أَحْمد الغبريني وَسمع عَلَيْهِ الصَّحِيح. وَقدم الْقَاهِرَة سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة فحج فِيهَا وَأُصِيب فِي كثير من مَاله وَكتبه فِي جملَة مَا وَقع فِي ركب المغاربة من النهب وَاتفقَ وُقُوع النكبة من السُّلْطَان بوالده وَأهل بَيته ببلادهم لغضبه عَلَيْهِ وَكَانَ رَئِيسا، وَبلغ ابْنه ذَلِك فَأَقَامَ بِالْقَاهِرَةِ وَعطف عَلَيْهِ الولوي ابْن خلدون فسعى لَهُ حَتَّى نزل بالشيخونية وَسمع بهَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ على التقي الدجوي ولازم شَيخنَا مُدَّة طَوِيلَة قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه واستفدت مِنْهُ وَكتب لي تَرْجَمَة مُطَوَّلَة وفيهَا واتصلت بِخِدْمَة سيدنَا فلَان فآنس الغربة وأنسى الْكُرْبَة وَأحسن المعونة وَكفى المؤونة وعمني خَيره وبره ووسعني حلمه وَصَبره قَالَ وَشرع صَاحب التَّرْجَمَة فِي جمع تَارِيخ للرواة لَو قدر أَن يبيضه لَكَانَ مائَة مجلدة وَكَانَ قد مارس ذَلِك إِلَى أَن صَار أعرف النَّاس بِهِ فَإِنَّهُ جمع مِنْهُ فِي مسوداته مَا لَا يعد وَلَا يدْخل تَحت الْحَد وَلم يقدر لَهُ تبييضه وَمَات فتفرقت مسودته شذر مذر وَلَعَلَّ أَكْثَرهَا عمل بطائن المجلدات وَقَالَ نَحوه فِي الأنباء وَلَفظه وَكَانَ لهجا بالتاريخ وأخبار الروَاة جمَاعَة لذَلِك ضابطا

<<  <  ج: ص:  >  >>