للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طارحا للتكلف فِي ملسه وهيئته يمشي على قَدَمَيْهِ فِي الْأَسْوَاق مهابا قَلِيل الْكَلَام مَوْصُوفا بِالْخَيرِ لَزِمته سِنِين وَكنت فِي صغري وبداية طلبي إِذا أردْت أَن أَتكَلّم فِي درسه يأخذني الْحيَاء فأسكت وَكَانَ درسه بالظاهرية الْقَدِيمَة يحضرهُ جمع كثير فَقَالَ لي تكلم من لَا يخبط مَا يعرف يعوم يُرِيد أَن أجسر على الْكَلَام مَعَ الطّلبَة فِي حلقته رَحمَه الله وإيانا ٢١٦ (أَبُو بكر) بن مُحَمَّد بن عبد الله التقي الْحلَبِي الأَصْل الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الصُّوفِي الْبِسَاطِيّ وَيعرف بالطولوني لسكناه الْمدرسَة الطولونية فِي بَيت الْمُقَدّس ولد فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَكَانَ يذكر أَنه سمع من الْعِمَاد بن كثير وَغَيره وَكَذَا سمع على ابْن صديق البُخَارِيّ بفوت مجْلِس من أَثْنَائِهِ وَلَو وجد من يعتني بِهِ لأدرك القدماء وَكَانَ خيرا كثير الْعِبَادَة والورع مَعْرُوفا بذلك من ابْتِدَائه إِلَى انتهائه لم تعلم لَهُ صبوة مَعَ جودة الْخط وَالنّظم والنثر وَقد أضرّ بِأخرَة وَانْقطع بِالْمَدْرَسَةِ الْمشَار إِلَيْهَا وَكَانَ شيخها وَحدث باليسير سمع مِنْهُ الشهَاب بن أبي عذيبة والنجم بن فَهد وَمَات بالقدس فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين ذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ أَبُو بكر الْحلَبِي نزيل بَيت الْمُقَدّس تلمذ للشَّيْخ عبد الله البسطامي وَكَانَ لَهُ اشْتِغَال بالفقه والْحَدِيث ثمَّ أقبل على الْعِبَادَة وجاور بِبَيْت الْمُقَدّس انْتهى وَالظَّاهِر أَنه حفيد الْجلَال عبد الله البسطامي الَّذِي لقِيه الْبُرْهَان الْحلَبِي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وترجمه ابْن أبي عذيبة بِأَنَّهُ كَانَ خطيب جَامع باحسبتا فِي حلب مُدَّة طَوِيلَة قبل الْفِتْنَة وَبعدهَا ثمَّ تَركه أخيرا لعبد الْمُؤمن الْوَاعِظ وَقدم الْقُدس فِي سنة أَربع عشرَة وتنزل فِي صوفية الخانقاه السُّلْطَانِيَّة أول مَا بنيت فَلَمَّا بطلت نزل الطولونية وسكنها بل ولي مشيختها وَانْقطع فِيهَا للذّكر وَالْعِبَادَة والتلاوة وَتردد إِلَيْهِ أهل الْخَيْر فِي ليَالِي الْجمع ودام مقتدى بِهِ نَحْو خمسين سنة كل ذَلِك مَعَ الْخط الْحسن ونظم الشّعْر وأضر قبل مَوته مَاتَ فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَهُوَ ابْن خمس وَتِسْعين سنة وَدفن بِمَا ملا فِي حوش وَحمل على الرؤوس وَكَانَ لَهُ مشْهد حافل وَعند رَأسه نصيبة مَكْتُوب بخارجها من نظمه مَا كَانَ لَهُ مُدَّة فِي حَيَاته عِنْد رَأسه بالطيلونية ينظرها

(رحم الله فَقِيرا زار قَبْرِي وقرالي ... )

(سُورَة السَّبع المثاني ... )

(بخشوع ودعا لي ... )

وبداخلها من نظمه أَيْضا

(من زار قَبْرِي فَلْيَكُن عَالما ... إِن الَّذِي لاقيت يلقاه)

(وَيرْحَم الله الْفَتى زارني ... وَقَالَ لي يَرْحَمك الله)

وَمِمَّا كتبه عَنهُ ابْن أبي عذيبة من نظمه

<<  <  ج: ص:  >  >>