للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المماليك السُّلْطَانِيَّة كَبِيرا كَانَ أَو صَغِيرا فِي حَاجَة إِلَّا وسقاه السكر الْمُذَاب ثمَّ يَأْخُذ فِي قَضَاء حَاجته. وَقد تَرْجمهُ شَيخنَا فِي حوادث أنبائه فَقَالَ كَانَ جده غراب أول من أسلم من آبَائِهِ وباشر بالاسكندرية إِلَى أَن اتهمَ بِأَنَّهُ كَانَ مِمَّن دلّ الفرنج لما هجموها على عورات الْمُسلمين فَقتله ابْن عزام سنة سبع وَسبعين وَنَشَأ ابْنه عبد الرَّزَّاق وترقى إِلَى أَن ولي نظر الاسكندرية وَمَات فِي نَحْو الثَّمَانِينَ وَخلف وَلدين صغيرين مجد أكبرهما وَإِبْرَاهِيم هَذَا فَلَمَّا تمكن مَحْمُود من الظَّاهِر دخل الاسكندرية فأوى إِلَيْهِ إِبْرَاهِيم وَهُوَ يَوْمئِذٍ يكْتب فِي العرضة)

تَحت كنف أَخِيه ماجد الَّذِي يلقب فَخر الدّين وَيُسمى مُحَمَّدًا فقربه مَحْمُود ودربه وخرجه إِلَى أَن مهر سَرِيعا وجادت كِتَابَته وَحمد مَحْمُود ذهنه وَسيرَته فاختص بِهِ وَتمكن مِنْهُ بِحَيْثُ صَار يدْرِي جَمِيع أُمُوره وَتعلم لِسَان التّرْك حَتَّى حذق فِيهِ فاتفق أَنه عثر عَلَيْهِ بخيانة فخاف ابْن غراب من سطوته فاستدرك نَفسه وانضوى إِلَى ابْن الطبلاوي وَهُوَ يَوْمئِذٍ قد قرب من قلب الظَّاهِر برقوق فَلم يَزَالَا بِالظَّاهِرِ حَتَّى بَطش بمحمود وَآل أمره إِلَى استنفاد أَمْوَاله وَمَوته بِحَبْس أولى الجرائم وتقلب ابْن غراب من مَاله فِيمَا يستحي من ذكره لكثرته ولازم خدمَة ابْن الطبلاوي إِلَى أَن رقاه فولي نظر الْخَاص ثمَّ ناطح ابْن الطبلاوي إِلَى أَن قبض عَلَيْهِ باذن الظَّاهِر وَكَانَ من أوصياء الظَّاهِر ثمَّ اخْتصَّ بيشبك فَكَانَ مَعَه ظهيرا فِي تِلْكَ الحروب والمتقلبات حَتَّى ذهب ايتمش وتنم وَغَيرهمَا من أكَابِر الظَّاهِرِيَّة وتشتت شَمل أَكثر البَاقِينَ وَتمكن ابْن غراب حَتَّى استحضر أَخَاهُ فَخر الدّين فقرره وزيرا ثمَّ لما اسْتَقر فِي كِتَابَة السِّرّ وَنظر الْجَيْش أضَاف إِلَيْهِ نظر الْخَاص ثمَّ لبس الاستادارية وتزيا بزِي الجندي وَضرب على بَابه الطبول وَنعم جدا حَتَّى انه لما مرض كَانَ الْأُمَرَاء الْكِبَار يعودونه قيَاما على أَرجُلهم وَكَانَ هُوَ السَّبَب فِي فرار النَّاصِر وَتَركه المملكة وإقامته عِنْده تِلْكَ الْمدَّة مختفيا حَتَّى تمكن مِمَّا أَرَادَ من إبعاد من يود النَّاصِر وتقريب من أبغضه فَلَمَّا عَاد النَّاصِر إِلَى المملكة بتدبير ابْن غراب ألْقى إِلَيْهِ بالمقاليد فَصَارَ يكثر الامتنان على جَمِيع الامراء بِأَنَّهُ أبقى لَهُم بهجتهم وَأعَاد إِلَيْهِم مَا سلبوه من ملكهم وأمدهم بِمَالِه عِنْد فاقتهم وَكَانَ يُصَرح بِأَنَّهُ أَزَال دولة وَأقَام أُخْرَى ثمَّ أعَاد الاولى من غير حَاجَة لذَلِك وَأَنه لَو شَاءَ أَخذ الْملك لنَفسِهِ من غير مَانع وأهان كَاتب السِّرّ فتح الله وبادره وَلبس مَكَانَهُ ثمَّ ترفع عَن كِتَابَة السِّرّ فولاها كَاتبا عِنْده يُقَال الْفَخر بن المزوق وَلما تَكَامل لَهُ جَمِيع مَا أَرَادَ لحظته عين الْكَمَال بِالنَّقْصِ فَمَرض مُدَّة طَوِيلَة

<<  <  ج: ص:  >  >>