للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمه ذَلِك وَقَالَت لَهُ نَحن سُؤال وَمَرَّتْ ابْنهَا فَرده ثمَّ شرت تعطيه من مصاغها فيبيعه وينفقون مِنْهُ على أَنفسهمَا إِلَى أَن سَأَلَهُ الَّذِي كَانَ يَشْتَرِي مِنْهُ وَكَانَ نَصْرَانِيّا فِي كِتَابه بَرَاءَة بَينهمَا فَفعل وَكتب فِي آخرهَا قَالَ ذَلِك فَقير رَحْمَة ربه فلَان فَقَالَ لَهُ ذَلِك النَّصْرَانِي أَنْتُم عبتم على من قَالَ من أهل الْكتاب فَقير وَنحن أَغْنِيَاء وَأَنت قد وَقعت فِي ذَلِك وَكَانَ عاميا لَا يفهم مَعَاني الْكَلَام قَالَ فَقلت لَهُ الْمَكَان يضيق عَن شرح هَذَا فتعال إِلَى الْمنزل أزيل لَك هَذَا الشَّك وفارقته فَبَيْنَمَا أَنا نَائِم فِي تِلْكَ اللَّيْلَة رَأَيْت الْمَسِيح بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام قد نزل من السَّمَاء وَعَلِيهِ قَمِيص أَبيض قَالَ فَقلت فِي نَفسِي إِن كَانَ من لِبَاس الْجنَّة فَهُوَ غير مخيط قَالَ فلمسته بيَدي واستثبت فِي أمره فَإِذا هُوَ قِطْعَة وَاحِدَة لَيْسَ فِيهِ خياطَة فَقلت لَهُ أَنْت عيس بن مَرْيَم الَّذِي قَالَت النَّصَارَى أَنه ابْن الله فَقَالَ ألم تقْرَأ الْقُرْآن قلت قَالَ: لقد)

كفر الَّذين وَقَالَت النَّصَارَى الْمَسِيح ابْن الله الْآيَات ثمَّ استيقظت فَأَتَانِي ذَلِك النَّصْرَانِي فِي الصُّبْح وَهُوَ يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأسلم وَحسن إِسْلَامه وَلم يكن لذَلِك سَبَب أعلمهُ إِلَّا بركَة رؤيتي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام. وَلم يزل الْمجد يلازم مَعَ مزِيد تعلله الِاشْتِغَال فِي فنون الْعلم وَلَا سِيمَا على البُلْقِينِيّ فَإِنَّهُ جعله محط رَحْله وَعظم اخْتِصَاصه بِهِ بِحَيْثُ كَانَ يَقُول أَنا السَّائِل للبدر الزَّرْكَشِيّ مِنْهُ الْأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس وَكَانَت مُدَّة ملازمته لَهُ نَحْو أَرْبَعِينَ سنة حَتَّى صَار أوحد أهل الْقَاهِرَة وَتخرج بِهِ عدَّة من علمائها بل أَكثر علمائها كَالشَّمْسِ الْبرمَاوِيّ بلديه، وَقَالَ الشهَاب بن المحمرة إِنَّه قَرَأَ عَلَيْهِ هُوَ وَالشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَالْجمال بن ظهيرة وَالْجمال الطيماني جَامع المختصرات تقسيما فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ بل قَرَأَ عَلَيْهِ الزين الفارسكوري وَهُوَ أسن من هَؤُلَاءِ وَالْفَخْر الْبرمَاوِيّ وَكَانَ من كبار الْفُضَلَاء وَصَارَ عَالما عَلامَة بحرا فهامة حبرًا راسخا وطودا شامخا وَمَعَ صبره على الْفقر كَانَ زاهدا فِي الدُّنْيَا موقنا بِأَن ذَلِك هُوَ الْحَالة الحسني حَتَّى بلغنَا أَنه كَانَ يسْأَل أَن يَجْعَل الله ثَلَاثَة أَربَاع رزقه علما فَكَانَ قرير الْعين بفقره وَمَا آتَاهُ الله من الْعلم بل يعتب على من يتَرَدَّد إِلَى غنى لمَاله أَو ذِي جاه لجاهه، وَعرض عَلَيْهِ الْجلَال البُلْقِينِيّ أَن يقبل مِنْهُ التَّفْوِيض فِيمَا فوض إِلَيْهِ السُّلْطَان فَقَالَ أَنا لَا أعرف حكم الله فَقَالَ لَهُ فَإِذا قلت أَنْت هَذَا فَمَا نقُول نَحن أَلَسْت مُقَلدًا للشَّافِعِيّ فَقَالَ أَنا مقلده فِي الْعِبَادَات. وَاسْتمرّ مُنْقَطِعًا فِي بَيته مُقبلا على خَاصَّة نَفسه وَكن يَدْعُو بِبَقَاء شَيخنَا وَيَقُول أَنا أقدم حَيَاته على حَياتِي فبحياته ينْتَفع الْمُسلمُونَ وَقد سمع على ابْن الْقَارئ مشيخته وَالصَّحِيح وَغَيرهمَا وعَلى أبي طَلْحَة الحراوي الأول من فضل الْعلم للمرهبي

<<  <  ج: ص:  >  >>