للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(بِشِرَاك يَا ملك المليك الْأَشْرَف ... بفتوح قبرس بالحسام المشرفي)

(فتح بِشَهْر الصَّوْم تمّ فياله ... من أشرف فِي أشرف فِي أشرف)

(فتح تفتحت السَّمَوَات العلى ... من أَجله بالنصر واللطف الْخَفي)

وَخرج فِي رَجَب سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ بعساكره المصرية ثمَّ الشامية وَسَائِر نواب الممالك لطرد عُثْمَان بن قرا بلوك عَن الْبِلَاد حَتَّى وصل إِلَى آمد فنازلها وحاصرها ثمَّ رَجَعَ فَدخل الْقَاهِرَة فِي الْمحرم من الَّتِي تَلِيهَا بعد أَن حلف على بذل الطَّاعَة لَهُ كَمَا شرح مَعَ غَيره فِي محاله، وَاسْتمرّ إِلَى أَن مرض فعهد لِابْنِهِ يُوسُف بالسلطنة فِي رَابِع ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين ولقب بالعزيز وَأَن يكون الأتابكي جقمق نظام المملكة وَأقَام فِي توعكه أَكثر من عشْرين شهرا)

إِلَى أَن مَاتَ فِي عصر يَوْم السبت ثَالِث عشر ذِي الْحجَّة مِنْهَا فَجهز بعد أَن انبرم أَمر الْبيعَة للعزيز، وَصلى عَلَيْهِ عِنْد بَاب الْقلَّة، تقدم الشَّافِعِي النَّاس ثمَّ دفن بتربته الَّتِي أَنْشَأَهَا بالصحراء قبل غرُوب الشَّمْس وَكثر ترحم الْعَامَّة عَلَيْهِ، قَالَ المقريزي وَقد أناف على السِّتين وَكَانَت أَيَّام هدوء وَسُكُون إِلَّا أَنه كَانَ لَهُ فِي الشُّح وَالْبخل والطمع مَعَ الْجُبْن والخور وَسُوء الظَّن ومقت الرّعية وَكَثْرَة التلون وَسُرْعَة التقلب فِي الْأُمُور وَقلة الثَّبَات أَخْبَار لم نسْمع بِمِثْلِهَا وَشَمل بِلَاد مصر وَالشَّام فِي أَيَّامه الخراب وَقلت الْأَمْوَال بهَا وافتقر النَّاس وَسَاءَتْ سير الْحُكَّام والولاة مَعَ بُلُوغ آماله ونيل أغراضه وقهر أعاديه وقتلهم بيد غَيره انْتهى. وَله مآثر مِنْهَا الْمدرسَة الهائلة الشهيرة وَكَذَا التربة الَّتِي بهَا الْخطْبَة والتصوف أَيْضا وَغير ذَلِك كالجامع الهائل بخانقاه سرياقوس، وَاتفقَ أَن الْعَيْنِيّ أَخذ فِي إطرائه ومدحه بِأَنَّهُ أحسن للطلبة والقراء وَالْفُقَهَاء بِمَا فاق فِيهِ على من تقدمه حَيْثُ لم يرتبوا للفقهاء كَبِير أَمر فَقَالَ لَهُ السَّبَب فِي ذَلِك أَنهم كَانُوا يوافقونهم على أغراضهم فَلم يسمحوا لَهُم بكبير أَمر وَأما فُقَهَاء زَمَاننَا فهم لأجل كَونهم فِي قبضتنا وطوع أمرنَا نسمح لَهُم بِهَذَا النزر الْيَسِير. قلت وَهَذَا كَانَ إِذْ ذَاك وَإِلَّا فَالْآن مَعَ موافقتهم لَهُم فِي إشاراتهم فضلا عَن عباراتهم لَا يعطونهم شَيْئا بل يتلفتون لما بِأَيْدِيهِم ويحسدونهم على الْيَسِير ويقدمون آحَاد الغرباء مِمَّن لَا نِسْبَة لكبيرهم لكثير مِنْهُم عَلَيْهِم ويتكلفون لاعطائهم مَا لَا يُوجد من هُوَ يُقَارب شَرط الواقفين إِلَيْهِم فانا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون وَلما بنى الْمدرسَة الْمشَار إِلَيْهَا وَاشْترط فِيهَا أَن من غَابَ أَكثر من مُدَّة أشهر الْحَج تخرج وظيفته عَنهُ سعى عِنْده فِي وَظِيفَة بعض المقررين بهَا لكَونه جاور عملا بِمَا شَرطه فَقَالَ أستحيي من الله أَن أعزل

<<  <  ج: ص:  >  >>