للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بعد صَلَاة الظّهْر كل ذَلِك مَعَ تقنعه واقتصاده فِي معيشته وَعدم توسعه وتقلله من الدُّنْيَا وَترك تطفله على أَهلهَا فِي جَمِيع الْأَشْيَاء وَصرف همته للْعلم إِلَى أَن تحرّك سعده وتبرك بِهِ من ألهم رشده حَتَّى قيل:

(لقد زين الْبُرْهَان بطحاء مَكَّة ... وألبس من فِي أخشبيها تيمنا)

فَلم يلبث أَن اسْتَقر فِي الخطابة بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام عوضا عَن الْأَخَوَيْنِ الخطيبين أبي الْقسم وَأبي الْفضل ابْني أبي الْفضل النوري وَذَلِكَ فِي سادس عشر شعْبَان سنة خمس وَخمسين وَقُرِئَ توقيعه بذلك فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشر رَمَضَان وباشر من يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع عشرَة وأكمدت الحساد بذلك وَللَّه در الْقَائِل:

(إِن الزَّمَان استبشرت أَيَّامه ... والمنبر استولى عَلَيْهِ إِمَامه)

(وَتَبَسم الْبَيْت الْعَتِيق مَسَرَّة ... لما رآك مُصَليا ومقامه)

(وغدوت يَا برهانه فِي مستوى ... من مجده منشورة أَعْلَامه)

)

(فالبس جلابيب المسرة والهنا ... فالجمع مشمول لديك نظامه)

ثمَّ انْفَصل عَنْهَا فِي أول جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَخمسين مَعَ اسْتِمْرَار وجاهته واستقرار شهرته وديانته بِحَيْثُ رغب عَمه وَشَيْخه فِي تَزْوِيجه بابنته وترويجه بضمه إِلَى جِهَته وَكَانَ لَهما بذلك مزِيد الْفَخر ولمناوئهما من أَجله غَايَة الْقَهْر واستولدها بِيَقِين فِي الْمحرم سنة تسع وَخمسين الجمالي أَبَا السُّعُود وسيقت لَهُ المسرات والسعود فَفِي أوائلها ولى النّظر على الْمدرسَة الجمالية المستجدة بِبَاب حزودة وأوقافها من واقفها ثمَّ أضيفت إِلَيْهِ مشيختها بعد موت شيخها الشّرف أبي الْفَتْح المراغي فِي عشري صفر مِنْهَا وَحضر بالصوفية بعد صَلَاة الْعَصْر من يَوْم الْأَحَد سَابِع جُمَادَى الثَّانِيَة وَكَانَ المنوفي يحضر أول النَّهَار لاشتغاله فِي الْعَصْر بمشيخة الزمامية وَكَذَا أضيف إِلَيْهِ بعد مَوته أَيْضا مشيخة إسماع الحَدِيث للظَّاهِر جقمق ثمَّ ولى نظر الْمَسْجِد الْحَرَام فِي شَوَّال مِنْهَا عوضا عَن طوغان شيخ وَقُرِئَ توقيعه فِي يَوْم الْخَمِيس مستهل ذِي الْحجَّة ثمَّ قَضَاء الشَّافِعِيَّة بِمَكَّة فِي سَابِع عشري جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ عوضا عَن ابْن عَمه الْمُحب أبي السعادات وَقُرِئَ توقيعه فِي صَبِيحَة يَوْم السبت رَابِع عشري رَمَضَان بِحَضْرَة صَاحب مَكَّة السَّيِّد جمال الدّين مُحَمَّد بن بَرَكَات والقضاة والأعيان وباشر ذَلِك كُله بعفة ونزاهة وهمة ووجاهة وَحُرْمَة وافرة وديانة وَضبط وَأَمَانَة واجتهاد تَامّ فِي مصَالح الْمَسْجِد الْحَرَام ومبالغة فِي حفظ أَمْوَال الْأَيْتَام والغائبين وحرص على كف الْفساد والمعتدين بِحَيْثُ وقف

<<  <  ج: ص:  >  >>