للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

على بنصر بن حجاج فَلَمَّا أصبح أُتِي بنصر بن حجاج فَإِذا هُوَ أحسن النَّاس وَجها وَأَحْسَنهمْ شعرًا فَقَالَ عمر عَزِيمَة أَمِير الْمُؤمنِينَ لتأخذن من شعرك فَأخذ من شعره فَخرج لَهُ وجنتان كَأَنَّهُمَا شقتا قمر قَالَ اعتم فاعتم فَافْتتنَ النَّاس بعمته فَقَالَ لَهُ عمر وَالله لَا تساكنني ببلدة أَنا فِيهَا قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا ذَنبي قَالَ هُوَ مَا أقوله لَك وسيره إِلَى الْبَصْرَة وخشيت الْمَرْأَة الَّتِي سمع مِنْهَا عمر مَا سمع أَن يبدر عَن عمر إِلَيْهَا شَيْء فدست إِلَيْهِ أبياتا

(قل للْإِمَام الَّذِي تخشى بوادره ... مَالِي وللخمر أَو نصر بن حجاج)

(إِنِّي منيت أَبَا حَفْص بِغَيْرِهِمَا ... شرب الحليب وطرف فاتر ساجي)

(مَا منية لم أصب مِنْهَا بضائرة ... وَالنَّاس من هَالك مِنْهَا وَمن نَاجِي)

(لَا تجْعَل الظَّن حَقًا تبينه ... إِن السَّبِيل سَبِيل الْخَائِف الراجي)

(إِن الْهوى زمه التَّقْوَى فخيسه ... حَتَّى أقرّ بإلجام وإسراج)

قَالَ فَبكى عمر وَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي زم بالتقوى الْهوى قَالَ وَطَالَ مكث نصر بن حجاج بِالْبَصْرَةِ فَخرجت أمه يَوْمًا بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة مُعْتَرضَة لعمر فَإِذا عمر قد خرج فِي إِزَار ورداء وَبِيَدِهِ الدرة فَقَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالله لأقفن أَنا وَأَنت بَين يَدي الله عز وَجل وليحاسبنك الله ليبيتن عبد الله ابْن عمر إِلَى جَنْبك وَعَاصِم وبيني وَبَين ابْني الْجبَال والفيافي والأودية قَالَ عمر إِن ابْني لم تهتف بهما الْعَوَاتِق فِي خُدُورهنَّ ثمَّ أبرد عمر إِلَى الْبَصْرَة بريدا إِلَى عتبَة بن غَزوَان فَأَقَامَ أَيَّامًا ثمَّ نَادَى منادى عتبَة من أَرَادَ أَن يكْتب إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ كتابا فليكتب فَإِن الْبَرِيد خَارج فَكتب نصر بن حجاج

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم سَلام عَلَيْك أما بعد يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ

(لعمري لَئِن سيرتني وحرمتني ... وَمَا نلْت من عرضي عَلَيْك حرَام)

(فَأَصْبَحت منفيا على غير رِيبَة ... وَقد كَانَ لي بالمكثين مقَام)

(وَإِن غنت الذلفاء يَوْمًا بمنية ... وَبَعض أماني النِّسَاء غرام)

(ظَنَنْت بِي الظَّن الَّذِي لَيْسَ بعده ... بَقَاء فَمَالِي فِيهِ بعد كَلَام)

(سيمنعني مِمَّا تَقول تكرمي ... وآباء صدق سالفون كرام)

(وتمنعها مِمَّا تَقول صلَاتهَا ... وَحَال لَهَا فِي قَومهَا وَصِيَام)

(فهاتان حالانا فَهَل أَنْت راجعي ... فقد جب مني كَاهِل وسنام)

فَلَمَّا قَرَأَ عمر الأبيات قَالَ أما ولي سُلْطَان فَلَا فأقطعه مَالا بِالْبَصْرَةِ ودارا فِي سوقها فَلَمَّا مَاتَ عمر ركب صدر رَاحِلَته وَتوجه نَحْو الْمَدِينَة هَذِه الْمَرْأَة المتمنية اسْمهَا الفريعة بنت همام أم الْحجَّاج بن يُوسُف الثَّقَفِيّ قَالَ أَبُو مُحَمَّد ابْن قُتَيْبَة

<<  <   >  >>