الْخَمِيس الثَّالِث عشر من شعْبَان سنة سبع وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة فَكَانَت مُدَّة خِلَافَته أَرْبعا وَأَرْبَعين سنة وَثَمَانِية أشهر ويومين
وَفِي خلَافَة الْقَائِم فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ غرقت بَغْدَاد
وَذَلِكَ أَنه جَاءَت أمطار أَكْثَرهَا سيل وَجَاء بِأَرْض الْموصل وَالْجِبَال مطر كثير وزادت دجلة زِيَادَة عَظِيمَة وَجَاء على رَأس المَاء من الْخشب والحيات شَيْء كثير حَتَّى رؤى تل وسط المَاء عَلَيْهِ سبع ويحمور واقفين وَدخل المَاء دَار الْخلَافَة من بَاب النوبى وَبَاب الْعَامَّة وَالْجَامِع وَخرج المَاء على الْخَلِيفَة من تَحت سَرِيره فَنَهَضَ إِلَى الْبَاب فَلم يجد طَرِيقا فَحَمله خَادِم على ظَهره إِلَى الْبَاب وأقيم فِي الدَّار أَربع دكاتير فِيهَا الخدم من التَّاج وَالْبزَّة وَلبس الْخَلِيفَة الْبردَة وَأخذ بِيَدِهِ الْقَضِيب ووقف بَين يَدي الله تَعَالَى يُصَلِّي ويتضرع وَلم يطعم يَوْمه وَلَيْلَته وغرقت مَقْبرَة بَاب أبرز وَخرج أَكثر التوابيت على المَاء وتهدم الخريم وَبَاب الأزج وَخرج رجل على كتفه ولدان لَهُ فاجتهد أَن يخلص فَلم يقدر فرماهما وَنَجَا نَفسه وَهلك من النَّاس والبهائم خلق كثير
ثمَّ ولي بعده ابْن ابْنه الْمُقْتَدِي بِأَمْر الله أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد ابْن الْقَائِم بِأَمْر الله ثمَّ توفّي عَشِيَّة يَوْم الْجُمُعَة الْخَامِس عشر من الْمحرم سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة فَجْأَة فَكَانَت خِلَافَته تسع عشرَة سنة وَخَمْسَة أشهر
ثمَّ ولي بعده ابْنه المستظهر بِاللَّه أَبُو الْعَاصِ أَحْمد بن عبد الله ثمَّ توفّي فِي لَيْلَة الْأَحَد السَّابِع وَالْعِشْرين من ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَخَمْسمِائة وَكَانَت ولَايَته خمْسا وَعشْرين سنة وأشهرا
ثمَّ ولي بعده ابْنه المسترشد بِاللَّه أَبُو مَنْصُور الْفضل بن أَحْمد وَوَقع فِي سنة خمس عشرَة من السَّمَاء وقر عَظِيم بِاللَّيْلِ فَأصْبح النَّاس فجرفوه بالمجارف من السطوح والطرق وَخرج المسترشد لقِتَال الْأَعَاجِم فَأسر وَقتل وَوصل الْخَبَر إِلَى بَغْدَاد بقتْله يَوْم الْجُمُعَة الرَّابِع وَالْعِشْرين من ذِي الْقعدَة سنة تسع وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَكَانَت ولَايَته سبع عشرَة سنة وَسِتَّة أشهر وأياما
ثمَّ ولي أَبُو جَعْفَر مَنْصُور الراشد بِاللَّه فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن عشر ذِي الْقعدَة واستقام لَهُ الْأَمر إِلَى يَوْم السبت الْخَامِس عشر من ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاثِينَ فَدخل السُّلْطَان مَسْعُود بن مُحَمَّد إِلَى بَغْدَاد وَخرج الراشد إِلَى نَاحيَة الْموصل ثمَّ مخلع الراشد