للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما قدم علليه مالك قال: صرَّح الأمر عن محصنه.

فدفع إليه مال ابن أخيه، فقال: أقصر لما أبصر، وهذا خبر إِن كان له أثر، وفي الجريرة تشرَكُ العشيرة، ورب قول من صول، والحُرّ حرّ وإن مسَّه الضُرّ، وإذا أفرع الفؤاد ذهب الرُّقاد، هل يهلكنَّي فقد مالا يعود، وأعوذ بالله أن يرميني امرؤ بدائه، ربّ كلامٍ ليس فيه اكتتام، حافظ على الصَّديق ولو في الحريق، وليس من العدل سرعة العذل، وليس بيسير تقويم العسير، وإذا أردت النصيحة فتأَهَّب للظَّنَّة، ولو أنصف المظلوم لم يبق فيينا ملوم، متى تعالج مال غيرك تسأَم، وغثُّك خير من سمين غيرك، لا تنطح جمَّاء ذات قرنٍ، وقد يبلغ الخضم بالقضم، وقد صدع الفراق بين الرِّفاق، واستأنوا أخاكم فإن مع اليوم أخاه، وكلُّ ذات بعل سئيمُ، وقد غلب عليك من دعا إليك، والحرُّ عزوف " أي صبور " لما يبتلى، ولا تطمع في كل ما تسمع.

قالوا: وأشار أكثم يوم الكلاب على بني تميم حين سارت إليهم مذحج بأجمعها، فقال:

استشيروا، وأَقلوا الخلاف على أمرائكم، وإياكم وكثرة الصياح في الحرب، فإن كثرة الصياح من الفشل، وكونوا جميعا فإن الجميع غالب، والمرء يجز لا محالة، تثبتوا ولا تسارعوا، فإن أَحزم الفريقين أَركنهما، ورب عجلة تهب ريثا، وتنَّمروا للحرب، واّرعوا الليل، واتخذوه جملا، فإن الليل أَخفى للويل، ولا جماعة لمن اختلف.

قال: وغزا أكثم، فأسر الأَقياس ونهيكا، وأخذ أهليهم وأموالهم، فقال لبني أخيه، وهم ثلاثة، الكلب، والذئب، والسَّبع بنو بني عامر، وعامر

<<  <  ج: ص:  >  >>