خلف الأحمر، أو من محمد بن سلام، أو من مسافع، أو من فالج بن حلاوة، كما يذهب بعض النقاد للشعر الجاهلى اعتمادا على المقاييس النقدية التي تمتاز بها العصور الأدبية، ولكن هذا التشكيك بعيد الاحتمال فيما رواه أبو حاتم، فهذا اللون من الشعر يمثل البيئة الجاهلية تمثيلا صادقا، ويصور الحياة البدوية تصويرا حقيقيا، وقد كان معروفا بين الأغراض الشعرية، وكان له حظ وافر بين أبواب الأدب العربي.
وقد نشر المستشرق الألمانى "نولدكه" أبياتا من هذا الشعر الجاهلى عن المعمرين. لعروة بن الورد، وعمرو بن قميئة، وسلام بن الجندل، وهم يصفون الشيب، ويشكون من طول الحياة، وجاء في كتاب الأغانى صحيفة ٦٩، ٩٣ من الجزء التاسع عشر شعرا في هذا المعنى لمقنّع الكندي، ومساور بن هند، ومخضرم ربيعة بن مقرون، وجعد المحاربي من شعراء العصر الأموى، وكلهم يشكون طول الحياة، ويتحسرون على الأيام الخوالي.
* * *
وليس هناك شك في نسبة كتاب المعمرين لأبي حاتم السجستاني، فإن الدراسة الشكلية للمخطوطة الأولى التي قام بدراستها المستشرق الألمانى جولدز هير Ignaz Goldziher تؤكد صحة هذه النسبة، وقد نشر هذا المستشرق دراسته في سنة ١٨٩٩ م بعد أن حصل على أقدم نسخة معروفة لمخطوطات كتاب المعمرين، وهى النسخة الموجودة بمكتبة جامعة كمبريدج تحت رقم ٢٨٥ No ، فذكر أن شواهد. الخط ترجع إلى القرن الرابع الهجرى حرفا، وقلما، وأن صحيفة العنوان تحمل سماعا مؤرخا في سنة ٤٢٨ هـ مكتوبا بخط مخالف لخط متن الكتاب، كتبه أحد القارئين، وتحوى صحيفة العنوان كذلك على تأكيد نسبة الكتاب لصاحبه محرر بخط العلامة شهاب الدين الخفاجي، المتوفى سنة ١٠٦٩ هـ، وآخر بخط عبد القادر البغدادي، ونصه:"أبو روق ينقل في هذا الكتاب عن أبي حاتم، ويغلطه في أماكن كثيرة، فالظاهر أنه تأليف أبي روق، والله أعلم بالصواب، وقد ظهر فيما بعد أن أبا روق راوى الكتاب عن أبي حاتم".