لمحمد بن الحسن بن حمدان، وكتاب "المستطرف في كل فن مستظرف" للأبشيهي، وغيرهم أمثال أبى الحجاج يوسف البلوى، وأبي الفرج بن الجوزى.
فلقد عقد هؤلاء المؤلفون وغيرهم فصولا في كتبهم، تناولوا فيها ذكر المعمرين وأخبارهم في تراجم قصيرة لا تصل إلى عمل أبي حاتم في وفايته، وجاء من بعدهم خلف، عنوا بهذا اللون من التبويب في كتبهم على مر الأجيال، وكانت لهم مذاهب أخرى في الجمع لأخبار المعمرين، وسردها في طبقات تمثل المعمرين من ذوى المذاهب والطوائف والحرف وغيرهم.
وتعتبر مخطوطة المعمرين الموجودة بمعهد "جوته" بألمانيا من أهم الكتب المصنفة في أخبار المعمرين المحدثين، وقد نشر الأديب الدمشقى "إلياس عبده قدسى" صفحات من هذه المخطوطة في سنة ١٨٨٣ م.
* * *
ويمثل "كتاب المعمرين" للسجستاني الشطر الكبير من شطرى المخطوط الذي أقوم بنشره، المسجل تحت رقم ٢٠١٤ تاريخ، بدار الكتب المصرية؛ أما الشطر الثاني لهذا المخطوط فهو "كتاب الوصايا" لأبي حاتم السجستاني.
وقد جمع أبو حاتم في هذا الجزء الثاني جملة من الوصايا المختارة من بين الروايات العربية نسبها إلى قائليها في العصر الجاهلى، وفى العصر الإسلامي، وفى العصر الأموى؛ وكما أن الوصايا تعتبر لازمة من لوازم المعمرين فقد اعتبر أبو حاتم السجستاني جمع الوصايا في كتاب لازمة من لوازم جمعه أخبار المعمرين في كتاب.
ولقد وفق أبو حاتم إلى أبعد حدود التوفيق في نظم مختاراته على هذين الشطرين، وفي ترتيب هذا النظم ترتيبا واقعيا، يساير ظروف الكائنات في عصور حياتها، فجعل "كتاب الوصايا" يلى "كتاب المعمرين"، وأتى في أخبار الوصايا بما لم يأت به في أخبار المعمرين، وقد ضمّن كل هذا نتفا مختارة مما وصلت إليه روايته من أقوال المُوصِين، الذين أوتوا حظوة في الدنيا، ووفرة في العقول، واكتسبوا