للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأن كئوس الشَّرب وهي دوائرٌ ... قطائع ماءٍ جامد يحمل اللهب

يمدُّ بها كفا خصيباً مديرُها ... وليس بشيءٍ غير حِنائها اختضب

فبتنا نُسقى الشمس، والليل راكدٌ ... ونقرب من بدر السماءِ وما اقترب

كأن الثريا تحت حالِك ليلها ... مداهنُ بلورٍ على الأُفق تضطرب

آخر:

قم يا غلام فهاتها مشمولةً ... ذهبية تنفي الهموم فتذهب

وأدر علينا في الزجاجة قهوةً ... حمراء شمس شعاعها لا تغربُ

فأدر بها لين الزمان فإنه ... زمنٌ على أبنائه يتقلب

وقال آخر:

الكأس قطبُ السرور والطربِ ... فاظَ بها قبل حادث النُّوبِ

أما ترى الليل كيف تفضحه ... راياتُ صبح مبيضة العَذَبِ

كراهب حنَّ للدجى طرباً ... يشُقُّ جلبابه من الطرب

وقال آخر:

يووم سعدٍ قد أطرق الدهر عنه ... حاسداً لي، وما رأته الخطوبُ

فيه ما يشتهي نديم وريحانٌ وراح وقينة وحبيبُ

ولنا موعد إذا هدأ النُّوام عنَّا والليل منا قريبُ

وقال الصنوبري:

يومٌ ذيولُ سحبه ... على الثرى منسحبة

برزقةٍ سافرةٍ ... وشمسه منتقبة

والرعد في أرجائه ... ذو أَلسنٍ مصطخبة

أما ترى سماءَه ... ضاحكة منتحبة

نشربُها عذراء قد ... قامت بحقِّ الشربة

كأنما الراحات من ... شعاعها مختضبة

متى سكبناها تقلْ ... عقيقةٌ منسكبة

في مجلسٍ أطنابه ... على العلى مُطَنَّبة

بين رياضٍ كلُّها ... في حُلل مكتبة

فروضة مشرقةٌ ... وروضة ملتهبة

تذهب فيها العين في ... مثل الحُلى المُذهبة

أعذب به يوماً مضت ... ساعاته المستعذبة

كلحظة مخلوسةٍ ... وقبلةٍ مُستلبة

قال ابن المعتز:

وإلف ساعاتٍ دعاني دعوةً ... والصبحُ بالليل البهيم منتقبْ

قال اسبقِ الصبحَ بها نوريةً ... كالصبح إلا أنها من العنب

مقتولة قتالةٌ مغلوبةٌ ... غلابةٌ جرّدَها مرَ الحِقب

وقال أيضاً:

عاد الزمان بمن نحبُّ فأعتبا ... يا صاحبيَّ فسقياني واشربا

من قهوة ما خامرت ذا لوعةٍ ... إلا تعرَّض للحقوف تصوبا

قام الغلامُ يديرها من كفهِ ... فحسبت بدر التِّمِّ يحمل كوكبا

وقال الأعشى:

وكأسٍ كلون التبر باكرتُ شُربها ... بفتيان صدقٍ والنواقيس تُضربُ

سلافٌ كلون الزعفران وعندمٌ ... تصفق في راووقها حين تقطُبُ

لها أرَجٌ في البيت عالٍ كأنما ... ألم بنا من بحر " دارين " أركب

وقال ابن المعتز:

وحلو الدلالِ مليح الغضب ... يشوب مواعيده بالكذب

سقاني وقد سُلَّ سيف الصباح ... والليل من خوفه قد هرب

عقاراً إذا مزجتها السقاة ... ألبسها الماءُ تاج الحبب

فكم فضةٍ فضها في سرورٍ ... هناك ومن ذهب قد ذهب

فتصلِحُ بيني وبين الزمان ... وتُبدِلُني بالهموم الطرَبْ

لدى مجلسٍ أرضه نرجسٌ ... وأوتار عيدلنه تصطخب

وحيطانه خِرطُ كافورةٍ ... وأعلاه من ذهب يلتهب

وقال آخر:

وما بقيت من اللذات إلا ... محادثة الرجال على الشراب

ولئمك وجنتي قمرٍ منيرٍ ... يجول بوجهه ماءُ الشباب

ابن المعتز:

سعى إلى الدنِّ بالمبزال ينقُرُه ... ساقِ توشَّح بالمنديل حين وثبْ

لما وجاها بدت صفراء فاقعةً ... كأنما قد سيرا من أديم ذهب

وقال:

ألا فاسقنيها قد نعى الليل ديكه ... وعُرِّي ثوبُ الأُفق فهو سليبُ

<<  <   >  >>