للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال [ابن] المعتز بالله:

يا صاح يشغل قلبي عن عواذله ... قرع الكئوس بأفواه القوازيز

أصغى بإبريقه من تحت مبزلها ... حتى تملأ من أحشاء موخوز

يضاحك الأُقحوان الغض في فمه ... تفاح خدٍّ، بخال الخد، مغروز

كأن ديباجةً من خده نُشرت ... وطرزته بحُسنٍ أيَّ تطريز

فنحن منه ومن أيامه أبداً ... في مهرجان نغاديه ونيروز

إذ لا يزال من الفتيان ذو طربٍ ... يغب في ذهب قد ذاب، إبريز

دام عليه هجير الشمس يسكبه ... فميز الصفو منه أيَّ تمييزِ

تُقارع الماء في الأقداح إذ مزجت ... بصارم من سيوف النور مهزوزِ

وزادت سخطٍ على الأرزاق قلت لها ... عنيتني، فارجعي باللوم أو جوزي

لا خير في ماجدٍ يهدى عواذله ... وأي غصنٍ نضير غير مغموز

لا يقعد السكر عزمي عند نهضته ... وليس رأسي عن حزمي بمحجوز

وقال الأمير تميم:

يا رب ليلٍ من ليالي الكوز

قطعته بعاتقٍ عجوز

معشوقة المخبر والبروز

أذنابها حر لظى تموز

حتى بدت كالذهب الإبريز

أرق من فهمي ومن تمييزي

؟ حرف السين

قال أبو نواس:

ودار ندامى عطلوها وأدلجوا ... بها أثرٌ منهم جديدٌ ودارسُ

مساحبُ من جر الزقاق على الثرى ... وأضغاث ريحانٍ جنيٌّ ويابس

حبست بها صحبي فجددت عهدهم ... وإني على أمثال تلك لحابسُ

ولم أدرِ من هم غير ما شهدت به ... بشرقي ساباط الديار البسابس

أقمنا بها يوماً، ويوماً، وثالثاً ... ويوماً له يوم الترحل خامس

تدار علينا الراح في عسجدية ... حبتها بأنواع التصاوير فارسُ

قراراتها كسرى وفي جنباتها ... مهاً تدريها بالقسي الفوارس

فللخمر ما زرت عليه جيوبها ... ولماء ما دارت عليه القلانس

وقال:

نبِّه نديمك قد نعس ... يسقيك كأساً في الغلس

صرفاً كأن شعاعها ... في كف شاربها قبس

مما تخير كرمها ... كسرى بعانة واغترس

تذر الفتى وكأنما ... بلسانه منها خرس

يدعى فيرفع رأسه ... فإذا استقل به نكس

يسقيكها ذو قرطقٍ ... يُلهي ويُعجل من حبس

خنث الجفون كأنه ... ظبي الرياض إذا نعس

أضحى الأمير محمد ... للدين نوراً يقتبس

ورث الخلافة خمسةٌ ... وبخير يضحك إن عبس

ابن وكيع:

غرَّد الطيرُ فنبه من نعس ... وأدر كأسك فالعيش خُلس

سل سيف الفجر من غمد الدجى ... وتعرى الصبح من قُمص الغلس

وبدا في حُلل فضية ... ما لها من ظلمة الليل دنس

فاسقني من قهوةٍ مسكيةٍ ... في رياضٍ عنبريات النفس

وقال:

قم فاجعل اليوم حُسناً ... ولذةً مثل أمسِ

مرة المرءِ سعدٌ ... والهمُّ طالع نحس

فقم أدرها علينا ... صفراء في ثوب ورس

يحكى الحباب عليها ... غمامة مثل شمسِ

وقا تميم:

حبذا طيبُ يومِنا المأنوسِ ... بين شدو الغنا، وحثِّ الكئوسِ

من مدامٍ بها يعيش التصابي ... وتُداوى مُعللات النفوسِ

غربت في الشفاه ماء ولكن ... طلعت في الخدود مثل الشموس

وكأن النجوم في غسقِ الليل جُمان يلوحُ في آبنوس

وقال بشار:

قومي اغبقيني فما صيغ الفتى حجراً ... لكن رهينه أحجار وأرماسِ

اليوم خمرٌ ونغدو في غدٍ خبرا ... والناس ما بين إنعامٍ وإبآسِ

روِّي عظامي لكي أنفي الهموم بها ... لا يصحب الهم قرع السن بالكاس

علي بن جبلة:

<<  <   >  >>