للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضاً:

وليلةٍ بتُّ في ظلماتها طرباً ... يسعى إلي بشمس القهوة القمرُ

سهرتها سهراً من طيب لذته ... وددت لو أن عمري كله سهرُ

وقال أيضاً:

ليهنكَ نيروزاً أتاك كأنهُ ... رسول حبيب بالأمان من الهجرِ

فبادر إلى لذات يوم كأنه ... من الحُسن قرط لاح في أُفق الدهر

وخذها على رغم الحسود مُدامةً ... أرق من الشكوى وأحلى من النصر

لها صورةٌ في الكأسِ عند اجتلائها ... حكت صورة الإقبال في فسحة العُمر

وقال أيضاً:

وحانةٍ خمارٍ أنخت مطيتي ... إليه وقد أرخى الظلام له سترا

وقد زهرت وسط السماء نجومُها ... كديباجةٍ زرقاء قد نقطت تبرا

فأبرز لي صهباء يهدي نسيمها ... إليَّ إذا ما فاح فائحها عصرا

ودارت لنا كاساتها بمدامة ... ترى دُهم خيلٍ صرن من نورها غُرا

تُشتِّت شملَ الهم حتى كأنها ... إذا نزلت بالهم، طالبةٌ وترا

إذا التقيا في القلب ولَّت جيوشه ... بخذلان مهزوم وأُعطيت النصرا

إذا ضاق صدر المرء بالهمِّ وانثنى ... إلى كأسها ألفيته يحمد الدهرا

فما زال يسقيني ويشرب مسعدا ... عليها غزالٌ طوفُهُ ينفث السِّحرا

إلى أن رأيت الشمس قد خلعت لنا ... على الأُفق من أنوارها خلعاً خضرا

وقال أيضاً:

اشرب فقد طابت العُقارُ ... وابتسم الورد والبهارُ

لها جيوشٌ من الملاهي ... للهمِّ قدمها فرار

لألاؤها في الدُّجى نهارُ ... يُظلم من نوره النهار

إذا استقرت حشى وقورٍ ... رأيته ما له وقار

فالحزن عن أهلها مُطارُ ... والحلمُ في إثره مُطار

يسعى بها جؤذرٌ غريرٌ ... في لحظ أجفانه احورار

أغار منيّ عليه حتى ... عليه من نفسه أغار

كلَّ جمالٍ ترى فمنه ... إذا تأملت مستعارُ

وقال أيضاً:

قم فاسقني كأساً كأنَّ نسيمها ... مِسكٌ تضوعه يدا عطار

أحكامها في العقل إن هي حُكمت ... أحكام صرف الدهر في الأحرار

يرضى عن الأقدار شاربها الذي ... ما زال ذا سخطٍ على الأقدار

وكأنها والكأس ساطعةٌ بها ... ذوبٌ تحلل من عقيق جارِ

لا سيما من كفٍّ أغيد شادِنٍ ... يسبي العقول بطرفِهِ السَّحارِ

فضل الغصون لأنها من غرسنا ... عند التأملوهو غرسُ الباري

وقال أيضاً:

يا لائماً يعذلني في طربي ... حسبُك قد أكثرت من هذا الهذرْ

أعرف فضل العقل إلا أنه ... بدلّ طعم العيش صفواً بالكدر

الجهلُ ينبوع مسراتِ الفتى ... والعقل ينبوع الهموم والفِكر

فاجسر على ما تشتهي جهالةً ... ما فاز باللذة إلا من جَسَرْ

واشرب عقاراً لو أصابت حجراً ... لطار من خفته ذاك الحجر

عدوةُ الحزن الذي ما ظفرت ... قط به إلا أساءت في الظفر

لو رام أن يجيره من كيدها ... صرف القضاء الحتم يوماً ما قدر

أرقها الدهر إلى أن شاكلت ... من رقةٍ شعر جميلٍ وعُمر

خفية الحيلة في جسم الفتى ... تحدث في الجسم دبيباً وخدر

كأنما الأوطار فيها جمعت ... فليس في العيش لجافيها وطر

لا سيما من كف ظبي لم يُشن ... بفرط طولٍ لا ولا فرط قِصر

له سهام من لحاظٍ صُيَّبٍ ... كأنما يرمين عن قوس القدر

لو لم يكن زناره في وسطه ... يُمسك ضعف الخصر منه لانبتر

وبان منه نصفه عن نصفه ... لكنه جاء له على قدر

يا لك منه منظراً أشهى إلى ... قلبي من جنةِ عدنِ وأسرّْ

<<  <   >  >>