للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاهتدى ساري الظلام بها ... كاهتداء السَّفر بالعَلَمِ

وقال صريع:

إذا شئتما أن تسقياني مدامة ... فلا تقتلاها؛ كل ميتٍ محرَّمُ

خلطنا دماً من كرمةٍ بدمائنا ... فأظهر في الألوان منا الدَّمَ الدَّمُ

وقال أبو نواس:

صفة الطلول بلاغة الفدمِ ... فاجعل صفاتك لابنة الكرم

لا تُخدعن عن التي جُعلت ... سُقم الصحيح وصحة السُّقمِ

وصديقة النفس التي حُجبت ... عن ناظريك، وقيم الجسمِ

شجت فعالت فوقها حبباً ... متراصفاً كتراصُفِ النظم

ثم انبرت لك عن مدب دبا ... عجلان صعَّدَ في ذرا أكمِ

فكأن عقبي طعمها صَبِرٌ ... وعلى البديهة مُزة الطعم

فعلام تذهل عنمشعشعةٍ ... وتهيم في طللٍ وفي رسمِ

وإذا وصفت الشيءَ متبعاً ... لم تخلُ من سقطٍ ومن وهمِ

وقال أيضاً:

اسقني يا ابن أدهما ... واتخذني لك ابنما

اسقنيها سلافةً ... سبقت خلق آدما

فهي كانت ولم يكن ... ما خلا الأرض والسَّما

وهي روح مخلِّصٌ ... فارق اللحم والدما

وقال أيضاً:

وكأس كعين الديك باتت تروقني ... على وجه معبود الجمال رخيم

إذا قلت عللني بريقك أقبلت ... مراشفه حتى يصبن صميمي

بنينا على كسرى سماءَ مدامة ... مكللةٍ حافاتها بنجوم

فلو رد في يحيى بن ساسان روحُهُ ... إذن لاصطفاني دون كل نديم

وقال:

وشرابٍ ألذ من نظر المعشوق في وجه عاشقٍ بابتسامِ

لا غليظ تنبو الطبيعة عنه ... نبوة السمع عن شنيع الكلام

بنت عشرٍ صفت فلو صُبَّت على الليللا راح كل ظلام

في رياض ربعيةٍ بكر الروض عليها بمستهلِّ الغمام

فتوشت بكل نورٍ أنيقٍ ... من فرادى نباته وتُؤامِ

فترى الشرب كالأهلة فيه ... يتحسون خُسروي المُدام

وقال:

أتدري من تلوم على المدام ... فتىً فيها أصمَّ عن الملام

فتىً لا يأخذ النشوات إلاَّ ... بإبريق وطاسات وجام

أنا ابن الكأس أرضعها ومالي ... إلى يوم القيامة من فطام

وأشربها مع الفتيان مثلي ... فتمتزج الكريمة بالكرام

أجلُّ عن اللئيم الكأس حتى ... كأن الخمر تعصرُ من عظامي

وقال ابن وكيع:

أسقني من قهوةٍ مشمولةٍ ... تخلص النفس بها من همِّها

لا تذقها الماءَ في كاساتها ... حسبها ما شربت في كرمها

وقال أيضاً:

إشرب فقد طابت المُدام ... وافترَّ عن ثغره الغمامُ

من قهوةٍ حُرِّمت علينا ... فالصبر عن مثلها حرامُ

إذا استذم الأسى إليها ... فما له عندها ذمام

طوَّقها الماءُ طوق دُرٍّ ... ليس لمنثوره نظام

كأنها تحته كُميت ... عليه من فضة لجام

إذا بدت للهموم ظلت ... وهي لإعظامها قيامُ

تلوذ منها فلا لياذٌ ... ينفع منها ولا اعتصامُ

في فتيةٍ كلهم كريم ... وخير من يصحب الكرامُ

تكسد سوق الفتاة فيهم ... ظرفاً ولا يكسدُ الغلامُ

أئمة كلهم عليمٌ ... بكلِّ ما فعله أثام

لكنني فيهم على ما ... وصفت من فعلهم إمامُ

وعندنا شادنٌ غريرٌ ... في لحظ أجفانه سقامُ

للحسنِ قدَّامَهُ جيوشٌ ... للصبر قدامها انهزامُ

يخف في حبه التصابي ... كمثل ما يثقل الملامُ

ذا العيش فافطن له وبادرمن قبل أن يفطُن الحمامُ

فانعم فيومُ السرور عندي ... يومٌ، ويومُ الهمومِ عامُ

الأمير تميم:

مزاجكما الخمرَ بالماءِ لُومُ ... دعاها كما ولدتها الكروم

<<  <   >  >>