للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نظروا في الكلام والنحو والشعر فهم حجَّة على الألباب

وإذا ما هفا النديم أقالوه ... وردوا الأحلام دون الوثاب

وقال آخر:

وما خير ندمانٍ صموتٍ كأنما ... يدور عليه الكأس وهو كئيبُ

إذا ما نفوس القوم طابت فنفسه ... أبت، لا تراها عند ذاك تطيبُ

وقال آخر:

لا تشرب الراح إلا مع أخي ثقةٍ ... إن سيل أعطى، وإن غنَّيته طَرِبا

تزيده الكأسحلماً، والغنا طرباً ... والسكرُ تقوى، وما سقيته شُربا

فاشدد يديك عليه، إن ظفرت به ... واكثر مودته، لا تكثر الذَّهبا

وقال ابن المعتز:

وما أنا للندمان في الشرب مكرهاً ... على الكأس، يأبا [ها] ، ولا قائلاً هُجرا

وإن ردَّ فضلاً في الإناء شربتُه ... ولم أسقِهِ كَرهاً لأصرعه سكرا

أُفديه أحياناً بنفسي ووالدي ... وأجعل ما يهوى لما رابه سِترا

وإن نام لم يوقظ، وإن قام لم يُرَع ... وإن قال لي: يا صاح، لبيته عشرا

أرى ذلك حقاً للنديم، وإنني ... لأحفظه سِراً، وأحفظه جهرا

وقال آخر:

وبالشام فاطلبني إذا ما فقدتني ... وداوِ همومي بالتي تطرد الهَما

وفتيان صدقٍ لا ضغائن بينهم ... إذا شربوا زادهم شربُها حلما

إذا جلسوا، جاؤوا بكلِّ غريبةٍ ... فيزداد بعض القوم من بعضهم علما

وقال أبو عبد الرحمن العطوي:

حقوق الكأسِ والندمان خمس ... فأولها التزيُّن بالوَقارِ

وثانيها مسامحةُ الندامى ... فكم حَمَت السماحةُ من ذِمارِ

وثالثها، ولو كنت ابن خيرِ البرية محتداً، تركُ الفخارِ

ورابعها وللندمان حقٌّ ... سوى حقَّ القرابة والجوارِ

إذا حدثته، فاكسُ الحديث الذي يصغي له، ثوبَ اختصارِ

فما حُثَّ النبيذُ بمثل حسن الأغاني والأحاديث القصارِ

وخامسةٌ يدُلُّ بها أخوها ... على كرم الخليقةِ والنِّجار

حديثُ الأمسِ ننساهُ جميعاً ... فإن الذنب فيه للعقار

ألم تر أن شرب الراحِ صِرفاً ... ومزجاً بالصغارِ وبالكبارِ

يرد الشيخ ذا الستين غِراً ... غلاماً، ما يُفيق من الخُمار

فمن حكمت كأسك فيه فاحكم ... له بإقالة عند العثارِ

وقال آخر:

لعهدي بالنبيذ وشاربيه ... إذا شربوا زادهُم سكونا

وحيَّا بعضُهم بعضاً عليه ... ولم يُلفوا عليه مُعربدينا

فما بال النبيذ أحال عهدي ... وأورث من يعاقره جنونا

أم الندماء قد رَذَلوا فليسوا ... كما كان النَّدامى الأولونا

وقال العطوي:

طيب النديم يفوق طيبَ الرَّاحِ ... ويحثُّ شاربها على الأقداحِ

تصفوا الزجاجة بالنديم إذا صفا ... ويكدِّرُ النَّدمان صفو الراحِ

وفي مراضعة الكأس يقول بعضهم، وقيل إنه لابن الزيَّات:

اذكر أبا جعفرٍ حقاً أَمُتُّ به ... إني وإياكَ مشغوفان بالأدبِ

وأننا ضد رضعنا الكأس درَّتها ... والكأس درَتَها أولى من النسب

وقال آخر:

ونديمٍ نادمتُ في كِبَرِ السِّنِّ فأضحى [فيه] أخاً لي مُطاعا

لم يكن بيننا رضاع ولكن ... ولدت بيننا المُدامُ رضاعا

وقال آخر:

ألم تعلمي يا سلم أني موكَّلٌ ... بما سرَّ ندماني في العُسر واليُسرِ

وإني لم أبسط لساني ولا يدي ... لوجه نديمي حين خالطني سُكري

وقال آخر:

وندامى تفردوا بالرحيق ... واصلوا من صبوحِها بالغَبُوقِ

كلما دارت الكئوس عليهم ... ملكوا للعلوم كلَّ طريق

وتعاطوا على المُدام حديثاً ... مونِقَ النصِّ مُحكَمَ التنميقِ

سبقوا كل سابقٍ للمعالي ... واستبدوا بكل فهمٍ دقيق

<<  <   >  >>