للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمواضع اسْتِعْمَال الرَّحْمَة فِي حق الله وَفِي حق الْعباد لَا يحسن أَن تقع الصَّلَاة فِي كثير مِنْهَا بل فِي أَكْثَرهَا فَلَا يَصح تَفْسِير الصَّلَاة بِالرَّحْمَةِ وَالله أعلم

وَقد قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} قَالَ يباركون عَلَيْهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي تَفْسِيرهَا بالثناء وَإِرَادَة التكريم والتعظيم فَإِن التبريك من الله يتَضَمَّن ذَلِك وَلِهَذَا قرن بَين الصَّلَاة عَلَيْهِ والتبريك عَلَيْهِ وَقَالَت الْمَلَائِكَة لإِبْرَاهِيم {رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} هود ٧٣

وَقَالَ الْمَسِيح {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كنت} مَرْيَم ٣١

قَالَ غير وَاحِد من السّلف معلما للخير أَيْنَمَا كنت وَهَذَا جُزْء الْمُسَمّى فالمبارك كثير الْخَيْر فِي نَفسه الَّذِي يحصله لغيره تَعْلِيما وإقدارا وَنصحا وَإِرَادَة واجتهادا وَلِهَذَا يكون العَبْد مُبَارَكًا لِأَن الله بَارك فِيهِ وَجعله كَذَلِك وَالله تَعَالَى متبارك لِأَن الْبركَة كلهَا مِنْهُ فعبده مبارك وَهُوَ المتبارك {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} الْفرْقَان ١ وَقَوله {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ على كل شَيْء قَدِيرٌ} الْملك ١ وسنعود إِلَى هَذَا الْمَعْنى عَن قريب إِن شَاءَ الله تَعَالَى

وَقد رد طَائِفَة من النَّاس تَفْسِير الصَّلَاة من الله بِالرَّحْمَةِ بِأَن قَالَ الرَّحْمَة مَعْنَاهَا رقة الطَّبْع وَهِي مستحيلة فِي حق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَمَا أَن الدُّعَاء مِنْهُ سُبْحَانَهُ مُسْتَحِيل وَهَذَا الَّذِي

<<  <   >  >>