للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَمر وأوضحه وَلم يدع بَابا من الْعلم النافع للعباد المقرب لَهُم إِلَى رَبهم إِلَّا فَتحه وَلَا مُشكلا إِلَّا بَينه وَشَرحه حَتَّى هدى الله بِهِ الْقُلُوب من ضلالها وشفاها بِهِ من أسقامها وأغاثها بِهِ من جهلها فَأَي بشر أَحَق بِأَن يحمد مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجزاه عَن أمته أفضل الْجَزَاء

وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} الْأَنْبِيَاء ١٠٧ أَنه على عُمُومه وَفِيه على هَذَا التَّقْدِير وَجْهَان

أَحدهمَا أَن عُمُوم الْعَالمين حصل لَهُم النَّفْع برسالته أما أَتْبَاعه فنالوا بِهِ كَرَامَة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأما أعداؤه فالمحاربون لَهُ عجل قَتلهمْ وموتهم خير لَهُم من حياتهم لِأَن حياتهم زِيَادَة لَهُم فِي تَغْلِيظ الْعَذَاب عَلَيْهِم فِي الدَّار الْآخِرَة وهم قد كتب عَلَيْهِم الشَّقَاء فتعجيل مَوْتهمْ خير لَهُم من طول أعمارهم فِي الْكفْر وَأما المعاهدون لَهُ فعاشوا فِي الدُّنْيَا تَحت ظله وَعَهده وذمته وهم أقل شرا بذلك الْعَهْد من الْمُحَاربين لَهُ

وَأما المُنَافِقُونَ فَحصل لَهُم بِإِظْهَار الْإِيمَان بِهِ حقن دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ وأهلهم واحترامها وجريان أَحْكَام الْمُسلمين عَلَيْهِم فِي التَّوَارُث وَغَيره وَأما الْأُمَم النائية عَنهُ فَإِن الله سُبْحَانَهُ رفع برسالته الْعَذَاب الْعَام عَن أهل الأَرْض فَأصَاب كل الْعَالمين النَّفْع برسالته

الْوَجْه الثَّانِي أَنه رَحْمَة لكل أحد لَكِن الْمُؤْمِنُونَ قبلوا هَذِه الرَّحْمَة فانتفعوا بهَا دنيا وَأُخْرَى وَالْكفَّار ردوهَا فَلم يخرج بذلك عَن أَن يكون رَحْمَة لَهُم لَكِن لم يقبلوها كَمَا يُقَال هَذَا دَوَاء

<<  <   >  >>