للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل هَذِه الْمُتَابَعَة لَا تفيده قُوَّة فَإِن هَؤُلَاءِ مَجَاهِيل لَا يعْرفُونَ بِنَقْل الْعلم وَلَا هم مِمَّن يحْتَج بهم فضلا عَن أَن تقدم روايتهم على النَّقْل المستفيض الْمَعْلُوم عِنْد خَاصَّة أهل الْعلم وعامتهم فَهَذِهِ الْمُتَابَعَة إِن لم تزِدْه وَهنا لم تزِدْه قُوَّة وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

وَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم الْبَيْهَقِيّ وَالْمُنْذِرِي رحمهمَا الله تَعَالَى يحْتَمل أَن تكون مَسْأَلَة أبي سُفْيَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يُزَوجهُ أم حَبِيبَة وَقعت فِي بعض خرجاته إِلَى الْمَدِينَة وَهُوَ كَافِر حِين سمع نعي زوج أم حَبِيبَة بِأَرْض الْحَبَشَة وَالْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة وقعتا بعد إِسْلَامه فجمعها الرَّاوِي

وَهَذَا أَيْضا ضَعِيف جدا فَإِن أَبَا سُفْيَان إِنَّمَا قدم الْمَدِينَة آمنا بعد الْهِجْرَة فِي زمن الْهُدْنَة قبيل الْفَتْح وَكَانَت أم حَبِيبَة إِذْ ذَاك من نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يقدم أَبُو سُفْيَان قبل ذَلِك إِلَّا مَعَ الْأَحْزَاب عَام الخَنْدَق وَلَوْلَا الْهُدْنَة وَالصُّلْح الَّذِي كَانَ بَينهم وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقدم الْمَدِينَة فَمَتَى قدم وَزوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم حَبِيبَة فَهَذَا غلط ظَاهر

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يَصح أَن يكون تَزْوِيجه إِيَّاهَا فِي حَال كفره إِذْ لَا ولَايَة لَهُ عَلَيْهَا وَلَا تَأَخّر ذَلِك إِلَى بعد إِسْلَامه لما تقدم فعلى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَصح قَوْله أزَوجك أم حَبِيبَة

وَأَيْضًا فَإِن ظَاهر الحَدِيث يدل على أَن الْمسَائِل الثَّلَاثَة وَقعت مِنْهُ فِي وَقت وَاحِد وَأَنه قَالَ ثَلَاث أعطنيهن الحَدِيث وَمَعْلُوم أَن سُؤَاله تأميره واتخاذ مُعَاوِيَة كَاتبا إِنَّمَا يتَصَوَّر بعد إِسْلَامه فَكيف يُقَال بل سَأَلَ بعض ذَلِك فِي حَال كفره وَبَعضه وَهُوَ مُسلم وَسِيَاق الحَدِيث يردهُ

<<  <   >  >>