للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَحَق أَن يُسمى مُبَارَكًا من كل شَيْء لِكَثْرَة خَيره ومنافعه ووجوه الْبركَة فِيهِ والرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُقَال فِي حَقه تبَارك وَلَا يُقَال مبارك

ثمَّ قَالَت طَائِفَة مِنْهُم الْجَوْهَرِي إِن تبَارك بِمَعْنى بَارك مثل قَاتل وتقاتل قَالَ إِلَّا أَن فَاعل يتَعَدَّى وتفاعل لَا يتَعَدَّى وَهَذَا غلط عِنْد الْمُحَقِّقين وَإِنَّمَا تبَارك تفَاعل من الْبركَة وَهَذَا الثَّنَاء فِي حَقه تَعَالَى إِنَّمَا هُوَ لوصف رَجَعَ إِلَيْهِ كتعالى فَإِنَّهُ تفَاعل من الْعُلُوّ وَلِهَذَا يقرن بَين هذَيْن اللَّفْظَيْنِ فَيُقَال تبَارك وَتَعَالَى وَفِي دُعَاء الْقُنُوت تَبَارَكت وَتَعَالَيْت وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَحَق بذلك وَأولى من كل أحد فَإِن الْخَيْر كُله بيدَيْهِ وكل الْخَيْر مِنْهُ صِفَاته كلهَا صِفَات كَمَال وأفعاله كلهَا حِكْمَة وَرَحْمَة ومصلحة وخيرات لَا شرور فِيهَا كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْك وَإِنَّمَا يَقع الشَّرّ فِي مفعولاته ومخلوقاته لَا فِي فعله سُبْحَانَهُ فَإِذا كَانَ العَبْد وَغَيره مُبَارَكًا لِكَثْرَة خَيره ومنافعه واتصال أَسبَاب الْخَيْر فِيهِ وَحُصُول مَا ينْتَفع بِهِ النَّاس مِنْهُ فَالله تبَارك وَتَعَالَى أَحَق أَن يكون متباركاً وَهَذَا ثَنَاء يشْعر بالعظمة والرفعة وَالسعَة كَمَا يُقَال تعاظم وَتَعَالَى وَنَحْوه فَهُوَ دَلِيل على عَظمته وَكَثْرَة خَيره ودوامه واجتماع صِفَات الْكَمَال فِيهِ وَأَن كل نفع فِي الْعَالم كَانَ وَيكون فَمن نَفعه سُبْحَانَهُ وإحسانه

<<  <   >  >>