شرف هَذَا الْبناء من أبنية الغرائز والسجايا اللَّازِمَة ككبر وَصغر وَحسن ولطف وَنَحْو ذَلِك
وَلِهَذَا كَانَ حبيب أبلغ من مَحْبُوب لَان الحبيب الَّذِي حصلت فِيهِ الصِّفَات وَالْأَفْعَال الَّتِي يحب لأَجلهَا فَهُوَ حبيب فِي نَفسه وَإِن قدر أَن غَيره لَا يُحِبهُ لعدم شعوره بِهِ أَو لمَانع مَنعه من حبه وَأما المحبوب فَهُوَ الَّذِي تعلق بِهِ حب الْمُحب فَصَارَ محبوباً بحب الْغَيْر لَهُ وَأما الحبيب فَهُوَ حبيب بِذَاتِهِ وَصِفَاته تعلق بِهِ حب الْغَيْر أَو لم يتَعَلَّق وَهَكَذَا الحميد والمحمود
فالحميد هُوَ الَّذِي لَهُ من الصِّفَات وَأَسْبَاب الْحَمد مَا يَقْتَضِي أَن يكون مَحْمُودًا وَإِن لم يحمده غَيره فَهُوَ حميد فِي نَفسه والمحمود من تعلق بِهِ حمد الحامدين وَهَكَذَا الْمجِيد والممجد وَالْكَبِير والمكبر والعظيم والمعظم وَالْحَمْد وَالْمجد إِلَيْهِمَا يرجع الْكَمَال كُله فَإِن الْحَمد يسْتَلْزم الثَّنَاء والمحبة للمحمود فَمن أحببته وَلم تثن عَلَيْهِ لم تكن حامداً لَهُ حَتَّى تكون مثنياً عَلَيْهِ محباً لَهُ وَهَذَا الثَّنَاء وَالْحب تبع للأسباب الْمُقْتَضِيَة لَهُ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْمَحْمُود من صِفَات الْكَمَال ونعوت الْجلَال وَالْإِحْسَان إِلَى الْغَيْر فَإِن هَذِه هِيَ أَسبَاب الْمحبَّة وَكلما كَانَت هَذِه الصِّفَات أجمع وأكمل كَانَ الْحَمد وَالْحب أتم وَأعظم وَالله سُبْحَانَهُ لَهُ الْكَمَال الْمُطلق الَّذِي لَا نقص فِيهِ بِوَجْه مَا وَالْإِحْسَان كُله لَهُ وَمِنْه فَهُوَ أَحَق بِكُل حمد وَبِكُل حب من كل جِهَة فَهُوَ أهل أَن يحب لذاته ولصفاته ولأفعاله ولأسمائه ولإحسانه وَلكُل مَا صدر مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute