مقدم على الْمَنْفِيّ فَكيف وَلَا تعَارض فَإِن غَايَة مَا ذكرْتُمْ تَعْلِيم التَّشَهُّد أَدِلَّة ساكتة عَن وجوب غَيره وَمَا سكت عَن وجوب شَيْء لَا يكون مُعَارضا لما نطق بِوُجُوبِهِ فضلا عَن أَن يقدم عَلَيْهِ
الْخَامِس أَن تعليمهم التَّشَهُّد كَانَ مُتَقَدما بل لَعَلَّه من حِين فرضت الصَّلَاة
وَأما تعليمهم الصَّلَاة عَلَيْهِ فَإِنَّهُ كَانَ بعد نزُول قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} الْأَحْزَاب ٥٦ وَمَعْلُوم أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي الْأَحْزَاب بعد نِكَاحه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَيْنَب بنت جحش بعد تخييره أَزوَاجه فَهِيَ بعد فرض التَّشَهُّد فَلَو قدر أَن فرض التَّشَهُّد كَانَ نافياً لوُجُوب الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَكَانَ مَنْسُوخا بأدلة الْوُجُوب فَإِنَّهَا مُتَأَخِّرَة
وَالْفرق بَين هَذَا الْوَجْه وَالَّذِي قبله أَن هَذَا يَقْتَضِي تَقْدِيم أَدِلَّة الْوُجُوب لتأخرها وَالَّذِي قبله يَقْتَضِي تَقْدِيمهَا لرفعها الْبَرَاءَة الْأَصْلِيَّة من غير نظر إِلَى تقدم وَلَا تَأَخّر وَالَّذِي يدل على تَأَخّر الْأَمر بِالصَّلَاةِ عَن التَّشَهُّد قَوْلهم هَذَا السَّلَام عَلَيْك قد عَرفْنَاهُ فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك وَمَعْلُوم أَن السَّلَام عَلَيْهِ مقرون بِذكر التَّشَهُّد لم يشرع فِي الصَّلَاة وَحده بِدُونِ ذكر التَّشَهُّد وَالله أعلم
وَأما قَوْله وَمن حجَّة من لم يرهَا فرضا فِي الصَّلَاة حَدِيث الْحسن بن الْحر عَن الْقَاسِم بن مخيمرة فَذكر حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ وَفِيه فَإِذا قلت ذَلِك فقد قضيت الصَّلَاة فَإِن شِئْت أَن تقوم فَقُمْ وَإِن شِئْت أَن تقعد فَاقْعُدْ وَلم يذكر الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم