للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَوْله لم يعلّمها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُسِيء فِي الصَّلَاة وَلَو كَانَت فرضا لعلمها إِيَّاه جَوَابه من وُجُوه

أَحدهَا أَن حَدِيث الْمُسِيء هَذَا قد جعله الْمُتَأَخّرُونَ مُسْتَندا لَهُم فِي نفي كل مَا ينفون وُجُوبه وَحَمَلُوهُ فَوق طاقته وبالغوا فِي نفي مَا اخْتلف فِي وُجُوبه بِهِ فَمن نفى وجوب الْفَاتِحَة احْتج بِهِ وَمن نفى وجوب التَّسْلِيم احْتج بِهِ وَمن نفى وجوب الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتج بِهِ وَمن نفى وجوب أذكار الرُّكُوع وَالسُّجُود وركني الِاعْتِدَال احْتج بِهِ وَمن نفى وجوب تَكْبِيرَات الِانْتِقَالَات احْتج بِهِ وكل هَذَا تساهل واسترسال فِي الِاسْتِدْلَال وَإِلَّا فَعِنْدَ التَّحْقِيق لَا يَنْفِي وجوب شَيْء من ذَلِك بل غَايَته أَن يكون قد سكت عَن وُجُوبه ونفيه فإيجابه بالأدلة الْمُوجبَة لَهُ لَا يكون مُعَارضا بِهِ

فَإِن قيل سُكُوته عَن الْأَمر بِغَيْر مَا أمره بِهِ يدل على أَنه لَيْسَ بِوَاجِب لِأَنَّهُ فِي مقَام الْبَيَان وَتَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْحَاجة غير جَائِز قيل هَذَا لَا يُمكن أحد أَن يسْتَدلّ بِهِ على هَذَا الْوَجْه فَإِنَّهُ يلْزمه أَن يَقُول لَا يجب التَّشَهُّد وَلَا الْجُلُوس لَهُ وَلَا السَّلَام وَلَا النِّيَّة وَلَا قِرَاءَة الْفَاتِحَة وَلَا كل شَيْء لم يذكرهُ فِي الحَدِيث وطرد هَذَا أَنه لَا يجب عَلَيْهِ اسْتِقْبَال الْقبْلَة وَلَا الصَّلَاة فِي الْوَقْت لِأَنَّهُ لم يَأْمُرهُ بهما وَهَذَا لَا يَقُوله أحد

فَإِن قُلْتُمْ إِنَّمَا علمه مَا أَسَاءَ فِيهِ وَهُوَ لم يسيء فِي ذَلِك قيل لكم فاقنعوا بِهَذَا الْجَواب من منازعيكم فِي كل مَا نفيتم وُجُوبه بِحَدِيث الْمُسِيء هَذَا

الثَّانِي مَا أَمر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَجزَاء الصَّلَاة دَلِيل ظَاهر

<<  <   >  >>