الْخُصُوص وَأما قَوْله خَالِيا فوجهه أَن ذَلِك أقرب إِلَى حُضُور الْقلب وَأبْعد من الرِّيَاء والمباهاة وأعون على تدبر معنى مَا يَدْعُو بِهِ أَو يذكر بِهِ وَلَا شكّ أَن هَذِه الْحَالة أكمل مِمَّا يُخَالِفهَا (قَوْله والذاكر على أكمل الصِّفَات الْآتِيَة) أَقُول ستأتي هَذِه الصِّفَات فِي الْبَاب الَّذِي يَلِي هَذَا (قَوْله وَأَن يكون فَمه نظيفا وَأَن يزِيل تغيره بِالسِّوَاكِ) أَقُول وَجه هَذَا أَن الذّكر عبَادَة بِاللِّسَانِ فتنظيف الْفَم عِنْد ذَلِك أدب حسن وَلِهَذَا جَاءَت السّنة المتواترة بمشروعية السِّوَاك للصَّلَاة وَالْعلَّة فِي ذَلِك تنظيف الْمحل الَّذِي يكون الذّكر بِهِ فِي الصَّلَاة وَقد صَحَّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سلم عَلَيْهِ بعض الصَّحَابَة تَمِيم من جِدَار الْحَائِط ثمَّ رد عَلَيْهِ وَإِذا كَانَ هَذَا فِي مُجَرّد رد السَّلَام فَكيف بِذكر الله سُبْحَانَهُ فَإِنَّهُ أولى بذلك وَأخرج أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كرهت أَن أذكر الله إِلَّا على طهر وَصَححهُ ابْن خُزَيْمَة (قَوْله وَأَن يسْتَقْبل الْقبْلَة) أَقُول وَجه ذَلِك أَنَّهَا الْجِهَة الَّتِي شرع الله سُبْحَانَهُ أَن تكون الصَّلَاة إِلَيْهَا وَهِي الْجِهَة الَّتِي يتَوَجَّه إِلَى الله عز وَجل مِنْهَا وَلِهَذَا ورد النَّهْي عَن أَن يبصق الرجل إِلَى جِهَة قبلته مُعَللا بِمثل هَذِه الْعلَّة كَمَا فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَاب الْمَذْكُور بعد هَذَا مَا ورد فِي اسْتِقْبَال الْقبْلَة (قَوْله ويتدبر مَا يَقُول ويتعقل مَعْنَاهُ وَإِن جهل شَيْئا تبينه) أَقُول لَا ريب أَن تدبر الذاكر لمعاني مَا يذكر بِهِ أكمل لِأَنَّهُ بذلك يكون فِي حكم الْمُخَاطب والمناجي لَكِن وَإِن كَانَ أجر هَذَا أتم وأوفى فَإِنَّهُ لَا يُنَافِي ثُبُوت مَا ورد الْوَعْد بِهِ من ثَوَاب الْأَذْكَار لمن جَاءَ بهَا فَإِنَّهُ أَعم من أَن يَأْتِي بهَا متدبرا لمعانيها متعقلا لما يُرَاد مِنْهَا أَولا وَلم يرد تَقْيِيد مَا وعد بِهِ من ثَوَابهَا بالتدبر والتفهم (قَوْله وَلَا يعْتد لَهُ بِشَيْء مِمَّا رتبه الشَّارِع على قَوْله حَتَّى يتَلَفَّظ بِهِ وَيسمع نَفسه) أَقُول أما بِاعْتِبَار التَّلَفُّظ فَهُوَ مَعْلُوم من أَقْوَاله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المصرحة بِأَن من قَالَ كَذَا كَانَ لَهُ من الْأجر كَذَا فَلَا يحصل لَهُ ذَلِك الْأجر إِلَّا بِمَا يصدق عَلَيْهِ معنى القَوْل وَهُوَ لَا يكون إِلَّا بالتلفظ بِاللِّسَانِ وَأما اشْتِرَاط أَن يسمع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute