وَمن عجائبها أَنَّهَا مَعَ إيجازها تعْمل عمل الإطناب وَلها روعة إِذا برزت فِي أثْنَاء الْخطاب وَالْحِفْظ مُوكل بِمَا رَاع من اللَّفْظ وندر من الْمَعْنى
والأمثال أَيْضا نوع من الْعلم منفدر بِنَفسِهِ لَا يقدر على التَّصَرُّف فِيهِ إِلَّا من اجْتهد فِي طلبه حَتَّى أحكمه وَبَالغ فِي التماسه حَتَّى أتقنه
وَلَيْسَ من حفظ صَدرا من الْغَرِيب فَقَامَ بتفسير قصيدة وكشف أغراض رِسَالَة أَو خطْبَة قَادِرًا على أَن يقوم بشرح الْأَمْثَال والإبانة عَن مَعَانِيهَا وَالْأَخْبَار عَن الْمَقَاصِد فِيهَا وَإِنَّمَا يحْتَاج الرجل فِي مَعْرفَتهَا مَعَ الْعلم بالغريب إِلَى الْوُقُوف على أُصُولهَا والإحاطة بأحاديثها ويكمل لذَلِك من اجْتهد فِي الرِّوَايَة وَتقدم فِي الدِّرَايَة فَأَما من قصر وَعذر فقد قصر وَتَأَخر وأنى يسوغ الأديب لنَفسِهِ وَقد علم أَن كل من لم يعن بهَا من الأدباء عنايةً تبلغه أقْصَى غاياتها وَأبْعد نهاياتها كَانَ مَنْقُوص الْأَدَب غير تَامّ الْآلَة فِيهِ وَلَا موفور الْحَظ مِنْهُ