للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الزباء فاذكر لَهَا مَا يرغبها فِيهِ وتصبو إِلَيْهِ فجاءتها خطبَته فَلَمَّا سَمِعت كَلَامه وَعرفت مُرَاده قَالَت لَهُ انْعمْ بك عينا وَبِمَا جِئْت بِهِ وَله وأظهرت لَهُ السرُور بِهِ وَالرَّغْبَة فِيهِ وأكرمت مُقَدّمَة وَرفعت مَوْضِعه وَقَالَت قد كنت أضربت عَن هَذَا الْأَمر خوفًا أَن لَا أجد كُفؤًا وَالْملك فَوق قدري وَأَنا دون قدره وَقد أجبْت إِلَى مَا سَأَلَ ورغبت فِيمَا قَالَ وَلَوْلَا أَن السَّعْي فِي مثل هَذَا الْأَمر بِالرِّجَالِ أجمل لسرت إِلَيْهِ وَنزلت عَلَيْهِ وأهدت إِلَيْهِ هَدِيَّة سنية ساقت العبيد وَالْإِمَاء والكراع وَالسِّلَاح وَالْأَمْوَال وَالْإِبِل وَالْغنم وحملت من الثِّيَاب وَالْعين وَالْوَرق فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهِ خَطِيبه أعجبه مَا سمع من الْجَواب وأبهجه مَا رأى من اللطف وَظن أَن ذَلِك لحُصُول رَغْبَة فَأَعْجَبتهُ نَفسه وَسَار من فوره فِيمَن يَثِق بِهِ من خاصته وَأهل مَمْلَكَته وَفِيهِمْ قصير خازنه واستحلف على مَمْلَكَته ابْن أُخْته عَمْرو بن عدي اللَّخْمِيّ وَهُوَ أول مُلُوك الْحيرَة من لخم وَكَانَ ملكه عشْرين وَمِائَة سنة وَهُوَ الَّذِي اختطفته الْجِنّ وَهُوَ صبي وردته وَقد شب ونبر فَقَالَت أمه ألبسوه الطوق فَقَالَ خَاله جذيمة شب عَمْرو عَن الطوق فَصَارَت مثلا فاستخلفه وَسَار إِلَى الزباء فَلَمَّا صَار ببقة نزل وتصيد وَأكل وَشرب واستعاد المشورة والرأي من أَصْحَابه فَسكت الْقَوْم وافتتح الْكَلَام قصير بن سعد قَالَ أَيهَا الْملك كل عزم لَا يُؤَيّد بحزم قَالَ لي أُفٍّ مَا يكون كَونه فَلَا تثق بزخرف قَول لَا حُصُول لَهُ وَلَا تعتقد الرَّأْي بالهوى فَيفْسد وَلَا الحزم بالمنى فيبعد والرأي عِنْدِي للْملك أَن يعتقب أمره بالتثبت وَيَأْخُذ حذره بالتيقظ وَلَوْلَا أَن الْأُمُور تجْرِي بالمقدور لعزمت على الْملك عزماً بتا أَن لَا يفعل فَأقبل جذيمة على الْجَمَاعَة فَقَالَ مَا عنْدكُمْ أَنْتُم فِي هَذَا الْأَمر فتكلموا بِحَسب مَا عرفُوا من رغبته فِي ذَلِك وصوبوا رَأْيه وقووا عزمه فَقَالَ جذيمة الرَّأْي للْجَمَاعَة وَالصَّوَاب مَا رَأَيْتُمْ فَقَالَ قصير أرى الْقدر يسابق الحذر وَلَا يطاع لقصير أَمر فأرسلها مثلا

<<  <   >  >>