للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العليل شَيْئا أسود كالنواة يَتَحَرَّك فَأَخذه الطَّبِيب وَقَالَ ارْفَعْ رَأسك فقد برأت فَرفع رَأسه فَسَقَاهُ شَيْئا يقطع الغثيان وصب على وَجهه مَاء ورد ثمَّ أرَاهُ الَّذِي وَقع فَإِذا هُوَ قرداً فَقَالَ أَن الْموضع الَّذِي كَانَ فِيهِ الرُّمَّان كَانَ فِيهِ قردان من الْبَقر وَأَنه حصلت مِنْهُم وَاحِدَة فِي رَأس إِحْدَى الرمانات الَّتِي اقتلعت رؤوسها بفيك فَنزل القرد إِلَى حلقك وعلق بمعدتك يمتصها وَعلمت أَن القراد تهش إِلَى لحم الْكَلْب فَإِن لم يَصح الظَّن لم يَضرك مَا أكلت فصح فَلَا تدخل فمك شَيْئا لَا تَدْرِي مَا فِيهِ وَالله الْمُوفق

حَدثنَا أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَقُول مَا أَفْلح سمين قطّ إِلَّا أَن يكون مُحَمَّد بن الْحسن وَقيل لَهُ قَالَ لَا تَغْدُو الْعَاقِل إِحْدَى خَصْلَتَيْنِ إِمَّا أَن يهتم لآخرته ومعاده أَو الدُّنْيَا ومعاشه والشحم مَعَ الْهم لَا ينْعَقد فَإِذا خلا من الْمَعْنيين صَار فِي حد الْبَهَائِم فانعقد الشَّحْم ثمَّ قَالَ كَانَ ملك فِي الزَّمَان الأول وَكَانَ مُثقلًا كثيرا الشَّحْم لَا ينْتَفع بِنَفسِهِ فَجمع المتطببين وَقَالَ احْتَالُوا إليّ بحيلة يخفّ عني لحمي هَذَا قَلِيلا قَالَ فَمَا قدرو لَهُ على شَيْء قَالَ فَبعث لَهُ رجل عَاقل أديب متطبب فاره فَبعث إِلَيْهِ وأشحصه فَقَالَ لَهُ عالجني وَلَك الْغنى قَالَ أصلح الله الْملك أَنا متطبب منجم دَعْنِي حَتَّى أنظر اللَّيْلَة فِي طالعك أَي دَوَاء يُوَافق طالعك فأسقيك قَالَ فغدا عَلَيْهِ فَقَالَ أَيهَا الْملك الْأمان قَالَ لَك الْأمان قَالَ رَأَيْت طالعك يدل على أَن الْبَاقِي من عمرك شهر فَإِن أَحْبَبْت عالجتك وَإِن أردْت بَيَان ذَلِك فاحبسني عنْدك فَإِن كَانَ لقولي حَقِيقَة فَخَل عني وَإِلَّا فاستقص مني قَالَ فحبسه قَالَ ثمَّ رفع الْملك الملاهي واحتجب عَن النَّاس وخلا وَحده مهتماً كلما انْسَلَخَ يَوْم ازْدَادَ غماً حَتَّى هزل وخف لَحْمه وَمضى لذَلِك ثَمَان وَعِشْرُونَ يَوْمًا فَبعث إِلَيْهِ وَأخرجه فَقَالَ مَا ترى قَالَ أعز الله الْملك أَنا أَهْون على الله عزّ وجلّ من أَن أعلم الْغَيْب وَالله مَا أعرف عمري فَكيف أعرف عمرك

<<  <   >  >>