للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الْفضل الضميري كَانَ فِي بلدنا عَجُوز صَالِحَة كَثِيرَة الصّيام وَالصَّلَاة وَكَانَ لَهَا ابْن صيرفي منهمك على الشّرْب واللعب وَكَانَ يتشاغل بدكانه أَكثر نَهَاره ثمَّ يعود إِلَى منزله فيخبأ كيسه عِنْد والدته فَدخل إِلَى الدَّار وَهُوَ لَا يعلم فَاخْتَبَأَ فِيهَا وَسلم كيسه إِلَى أمه وَخرج وَبقيت هِيَ وَحدهَا فِي الدَّار وَكَانَ لَهَا فِي دارها بَيت مؤزر بالساج عَلَيْهِ بَاب من حَدِيد تجْعَل قماشها فِيهِ والكيس فخبأت الْكيس فِيهِ خلف الْبَاب وَجَلَست فأفطرت بَين يَدَيْهِ فَقَالَ اللص السَّاعَة تقفله وتنام وَأنزل وأقلع الْبَاب وآخذ الْكيس فَلَمَّا أفطرت قَامَت تصلي ومدت الصَّلَاة وَمضى نصف اللَّيْل وتحير اللص وَخَافَ أَن يُدْرِكهُ الصُّبْح فَطَافَ فِي الدَّار فَوجدَ إزاراً جَدِيدا وبخور فاتزر بالإزار وأوقد البخور وَأَقْبل ينزل على الدرجَة ويصيح بِصَوْت غليظ ليفزع الْعَجُوز وَكَانَت جلدَة ففطنت أَنه لص فَقَالَت من هَذَا بارتعاد وفزع فَقَالَ أَنا جِبْرِيل رَسُول رب الْعَالمين أَرْسلنِي إِلَى ابْنك هَذَا الْفَاسِق لأعظه وأعامله بِمَا يمنعهُ عَن ارْتِكَاب الْمعاصِي فأظهرت أَنَّهَا قد غشي عَلَيْهَا من الْفَزع وَأَقْبَلت تَقول يَا جِبْرِيل سَأَلتك إِلَّا رفقت بِهِ فَإِنَّهُ واحدي فَقَالَ اللص مَا أرْسلت لقَتله قَالَت فَبِمَ أرْسلت قَالَ لآخذ كيسه وَأَوْلَمَ قلبه بذلك فَإِذا تَابَ رَددته عَلَيْهِ فَقَالَت يَا جِبْرِيل شَأْنك وَمَا أمرت بِهِ فَقَالَ تنحي عَن بَاب الْبَيْت وَفتح هُوَ الْبَاب وَدخل ليَأْخُذ الْكيس والقماش واشتغل فِي تكويره فمشت الْعَجُوز قَلِيلا قَلِيلا وجذبت الْبَاب وَجعلت الْحلقَة فِي الرزة وَجَاءَت بقفل فقفلته فَنظر اللص إِلَى الْمَوْت ورام حِيلَة نقب أَو منقذ فَلم يجد فَقَالَ افتحي لأخرج فقد أتعظ ابْنك فَقَالَت يَا جِبْرِيل أَخَاف أَن أفتح الْبَاب فتذهب عَيْني من مُلَاحظَة نورك فَقَالَ إِنِّي أطفيء نوري حَتَّى لَا يذهب بِعَيْنَيْك فَقَالَت يَا جِبْرِيل مَا يعوزك أَن تخرج من السّقف أَو تخرق الْحَائِط بريشة من جناحك وَلَا تكلفني أَنا لتغوير بَصرِي فأحس اللص أَنَّهَا جلدَة فَأخذ يرفق بهَا وَيُدَارِيهَا ويبذل التَّوْبَة فَقَالَت دع عَنْك هَذَا لَا سَبِيل إِلَى

<<  <   >  >>