١٦٥ - (على كلِّ جرداء السراة طمرّةٍ ... بعيد مداها من تناج المذاكيا)
أنشدني هذا البيت سديد الدين بن وشاح بن مبادر أخو المولى عز الدين، المؤلف له الكتاب، أدام الله كلاتهما، كما أشاع سيادتهما، وذكر أنه سأل بعض (٣١ ب) من ينسب إلى قراء العربية عن نصب (المذاكي) فأمسك، فاستخرت الله تعالى فقلت: السّراة الظهر، والطمرة والطمر: المستعد للعدو، والمدى: الغاية والبعد.
والمذاكي من الخيل: جمع مذكّي، وهو الذي أتى عليه بعد القروح سنة، والنتاج: معروف، وهو استيلاد الخيل والنوق، يقال: نتجت الناقة ونتجها أهلها.
و (بعيد) : مجرور، صفة ل (جرداء السراة) ، ولم تتعرف جرداء بإضافتها إلى السراة، لأنّ الإضافة في تقدير الانفصال، و (مداها) فاعل بعيد، ويجوز (بعيد) بالرفع، خبر مبتدأ.
والمبتدأ (مداها) ، والجملة في موضع جر صفة.
وفيما يتعلق به (من نتاج) وجهان: أحدهما بعيد، والثاني محذوف لجعله صفة أخرى.
و (المذاكي) منصوب ب (نتاجي) لأنّه مصدرٌ مضافٌ إلى ياء المتكلم، وقد حذفت الياء لالتقاء الساكنين.
ويجوز أن يكون (نتاج) نكرة غير مضاف، وقد حذف منه التنوين، كقول الآخر:
(ولا ذاكر الله إلا قليلا ... )
والمعنى ظاهرٌ، والتقدير: على كل جرداء السراة طمرة بعد مداها من أجل أن نتجت المذاكيا.
فهذا آخر ما لخّصته من الأبيات المشكلة الإعراب الدالّة على إعرابها، ولأن كنت مسبوقاً بجمع مثلها لابن المفجع والفارقي، فقد أتيت فيها بما لا ينكره ذو لبّ مما لخّصته من كلامهما وترك كثير من إعرابهما (٣٢ أ) وتوجيه البيت على سنن الحقّ الواضح مع الاعتراف بتقدم فضلهما بالسبق وإحاطة الفصل.