للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَأما أَبُو إِسْحَاق الزّجاج فَكَانَ يَجْعَل الْعَامِل فِي المبتدإ مَا فِي نفس الْمُتَكَلّم من معنى الْإِخْبَار، قَالَ: لِأَن الِاسْم لما كَانَ لَا بُد لَهُ من حَدِيث يحدث عَنهُ، صَار هَذَا الْمَعْنى هُوَ الرافع للمبتدإ، وَالصَّحِيح مَا بدأنا بِهِ، لِأَنَّهُ لَو كَانَ الْأَمر كَمَا رتبه أَبُو إِسْحَاق لما جَازَ أَن ينْتَصب الِاسْم بِدُخُول عَامل عَلَيْهِ، لِأَن دُخُول الْعَامِل لَا يُغير معنى الحَدِيث عَن الِاسْم، فَلَو كَانَ ذَلِك الْمَعْنى عَاملا، لما جَازَ أَن يدْخل عَامل وَهُوَ بَاقٍ، وَأما الْعلَّة الأولى فَلَا يلْزم عَلَيْهَا هَذَا السُّؤَال، لِأَن الْعَامِل فِي (٢٨ / أ) المبتدإ - على مَا رَأَيْنَاهُ - تعريته من العوامل اللفظية، فَمَتَى دخل عَامل لَفْظِي على المبتدإ زَالَ الْعَامِل الَّذِي هُوَ التعرية، فَلم يدْخل عَامل على عَامل.

فَإِن قَالَ قَائِل: من أَيْن وَجب الرّفْع لخَبر المبتدإ؟

فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن الْمُبْتَدَأ لما كَانَ لَا بُد لَهُ من خبر، كَمَا أَن الْفِعْل لَا بُد لَهُ من فَاعل، صَار الْخَبَر مَعَ المبتدإ كالفاعل مَعَ الْفِعْل، فَكَمَا وَجب رفع الْفَاعِل وَجب رفع الْخَبَر.

وَوجه آخر: أَن الْمُبْتَدَأ لما كَانَ الْعَامِل فِيهِ التعرية من العوامل، وَلَيْسَت بِلَفْظ، وَكَانَ الْخَبَر هُوَ الْمُبْتَدَأ، وَجب أَن يحمل عَلَيْهِ فِي الْإِعْرَاب، كَمَا يحمل النَّعْت على المنعوت.

فَإِن قَالَ قَائِل: قد رَأينَا الْمُبْتَدَأ ينصب، وَالْخَبَر مَرْفُوع، كَقَوْلِك: إِن زيدا أَخُوك، فَلَو كَانَت عِلّة رَفعه أَنه هُوَ الْمُبْتَدَأ فِي الْمَعْنى - وَقد جرى النَّعْت - لوَجَبَ أَن ينْتَصب كَمَا ينصب الْمُبْتَدَأ؟

فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَنا قد احترزنا من هَذَا السُّؤَال، وَذَلِكَ أَنا جعلنَا الْعلَّة فِي

<<  <   >  >>