(١٣ - بَاب مَا لم يسم فَاعله)
إِن قَالَ قَائِل: لم وَجب إِذا حذف الْفَاعِل أَن يُقَام مقَامه اسْم مَرْفُوع؟
فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن الْفِعْل لَا يَخْلُو من فَاعل، فَلَمَّا حذف فَاعله على الْحَقِيقَة استقبح أَن يَخْلُو من لفظ الْفَاعِل، فَلهَذَا وَجب أَن يُقيم مقَام اسْم الْفَاعِل اسْما مَرْفُوعا، أَلا ترى أَنهم قَالُوا: مَاتَ زيد، وَسقط الْحَائِط، فَرفعُوا هَذِه الْأَسْمَاء وَإِن لم تكن فاعلة فِي الْحَقِيقَة، وَإِن شِئْنَا جعلنَا الرّفْع فِي الْمَفْعُول الَّذِي قَامَ مقَام الْفَاعِل بعلة أُخْرَى، وَهُوَ حمله على الْفَاعِل، فَمن جِهَة اشتراكهما فِي الْفِعْل صَار خَبرا عَن الْمَفْعُول الَّذِي يتَعَدَّى الْفِعْل إِلَيْهِ مَفْعُولا آخر، كَمَا أقيم مقَام الْفَاعِل؟
قيل: لَا يجب ذَلِك لِأَن الْفِعْل لَيْسَ يفْتَقر إِلَى الْمَفْعُول، كافتقاره إِلَى الْفَاعِل، أَلا ترى أَنَّك قد تقتصر على الْفَاعِل وَحده فِي الْفِعْل الْمُتَعَدِّي فَلَا تذكر الْمَفْعُول، كَقَوْلِك: ضربت وأكرمت، فَإِذا جَازَ إِسْقَاطه فِي هَذَا الْموضع من غير إِقَامَة شَيْء مقَامه، فَكَذَلِك أَيْضا إِذا أقيم مقَام الْفَاعِل لم يجب أَن يُقيم غَيره مقَامه.
فَإِن قَالَ قَائِل: لم وَجب ضم أول الْفِعْل وَكسر ثَانِيه، إِذا لم يسم فَاعله، وهلا ترك الْفِعْل على حَاله؟
قيل لَهُ: إِنَّمَا يحب تَغْيِير الْفِعْل إِذا حذفت الْفَاعِل، لِأَن الْمَفْعُول يَصح أَن يكون فَاعِلا للْفِعْل، هَل الْمَفْعُول فَاعل فِي الْحَقِيقَة؟ وَقد قَامَ مقَام الْفَاعِل، فَلهَذَا وَجب تَغْيِير الْفِعْل، وَإِنَّمَا غير أَوله بِالضَّمِّ، لِأَن الضَّم من عَلَامَات الْفَاعِل،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute